المغرب يدخل عصر المشتقات المالية.. فماذا يعني إدراج عقد آجل على مؤشر MASI 20؟

البورصة - 13-05-2025

المغرب يدخل عصر المشتقات المالية.. فماذا يعني إدراج عقد آجل على مؤشر MASI 20؟

اقتصادكم - سعد مفكير

 

في خطوة تُعدّ علامة فارقة في مسار تطور الأسواق المالية، أعلن المغرب رسمياً عن إدراج أول عقد آجل على المؤشرات في بورصة الدار البيضاء، ليشكّل بذلك انطلاقة تاريخية لسوق المشتقات المالية في المملكة. 

هذا المنتج الجديد، العقد الآجل البات على مؤشر MASI 20، الذي حصل على تأشيرة الهيئة المغربية لسوق الرساميل (AMMC) بتاريخ 6 ماي 2025، لا يُمثل مجرد تطور تقني بل يُعد اختباراً عملياً لقدرة السوق على احتضان أدوات مالية متقدمة تخدم مختلف فئات المستثمرين، وتُعزز عمق السوق ومصداقيته.

ما هو عقد آجل على مؤشر MASI 20؟

يعد العقد الآجل البات على مؤشر MASI 20، الذي يضم أكثر 20 شركة سيولة من بين أكبر 40 رسملة في بورصة الدار البيضاء، أداة مالية تُسوى نقداً، تتيح للمستثمر اتخاذ مركز شراء أو بيع استناداً إلى التوقعات حول قيمة المؤشر في تاريخ استحقاق مستقبلي، وبمعنى آخر، هي اتفاقيات مالية مُلزمة قانونيًا تُبرم بين طرفين: مشتري وبائع. يلتزم المشتري بدفع مبلغ محدد مسبقًا مقابل استلام كمية معينة من أصل مالي في تاريخ مستقبلي متفق عليه، بينما يتعهد البائع بتسليم الأصل مقابل السعر المتفق عليه.

تُدرج أربع آجال تداول بالتوازي: مارس، يونيو، شتنبر ودجنبر. وتم تحديد حجم العقد بـ10 دراهم لكل نقطة من نقاط المؤشر، بينما يبلغ مبلغ الضمان الأولي 1.000 درهم فقط، ما يمنح المستثمر إمكانية استخدام رافعة مالية مهمة، حيث يمكنه فتح مركز كبير برأسمال أولي صغير نسبيًا.

ويُتداول العقد بشكل مستمر، ويتم تسويته نقدًا عند تاريخ الاستحقاق، أي في ثالث يوم جمعة من الشهر المعني (أو يوم العمل السابق له في حال كان يوم عطلة).

زيادة سيولة السوق المالية

واعتبر صلاح الدين الحلاب، باحث في سوق الرساميل، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أنه من شأن هذه الخطوة أن تساهم في زيادة السيولة داخل السوق المالية، وإضفاء دينامية جديدة تعزز من كفاءتها وعمقها. كما ستتيح هذه الأداة المالية الحديثة للشركات المغربية إمكانية الحصول على تمويل بطريقة أسرع وأسهل، فضلًا عن تسهيل الوصول إلى قاعدة أوسع من المستثمرين الدوليين، لاسيما أولئك الباحثين عن أدوات للتحوط وتنويع محافظهم الاستثمارية.

وتُستخدم المشتقات المالية، ومن بينها العقود المستقبلية أو الآجلة، في كل من التحوط والمضاربة، كما تُعد وسيلة للاستثمار في الأسواق بتكلفة أقل، يضيف الباحث، خصوصًا عندما تكون الورقة المالية المعنية قليلة السيولة. وتُعتبر المشتقات أداة فعالة ضمن تقنيات إدارة المخاطر، غير أنها تحولت في العقود الأخيرة إلى وسيلة لتحقيق الأرباح من خلال المضاربة. 

وتجدر الإشارة إلى أن بعض الشركات لجأت إلى استخدام هذه الأدوات لأغراض مضاربية خارجة عن نطاق أنشطتها التشغيلية، ما أدى إلى تكبّدها خسائر كبيرة.

دور محوري في إدارة صناديق الاستثمار

وأشار صلاح الدين الحلاب، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، إلى أن المشتقات تلعب دورًا محوريًا في إدارة المحافظ الاستثمارية الكبيرة وصناديق الاستثمار، وتُستخدم لتقليل أثر تقلبات الأسعار السلبية (مثلاً عبر بيع العقود المستقبلية) والتنبؤ بالتقلبات النقدية المستقبلية وتعديل توزيع الأصول داخل المحفظة الاستثمارية.

ويُنتظر أن يُساهم تطوير سوق المشتقات بشكل ملموس في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لبورصة الدار البيضاء، ضمن الرؤية التنموية للمملكة في أفق سنة 2035، يؤكد الخبير، وتشمل هذه الأهداف رفع عدد الشركات المدرجة إلى 300 شركة، وزيادة القيمة السوقية للبورصة لتبلغ ما يعادل 70% من الناتج الداخلي الخام، علمًا أن هذه النسبة لم تتجاوز 49% سنة 2024. كما تطمح البورصة إلى بلوغ نسبة 25% من حجم المعاملات يتم تنفيذها من قبل المستثمرين الدوليين، بعدما لم تتجاوز هذه النسبة 5% سنة 2024.

وختم الحلاب حديثه بالقول إن إدراج العقود المستقبلية يمثل نقلة نوعية نحو تعزيز الشفافية وتوسيع قاعدة المنتجات المالية، بما يعزز ثقة المستثمرين ويُساهم في تكامل وتطور السوق المالية المغربية.