اقتصادكم
في خطوة تعكس الطموح والرغبة في بناء مغرب حديث ومترابط، أعلن المكتب الوطني للسكك الحديدية عن إطلاق برنامج طموح لتوسيع شبكة القطار فائق السرعة خلال الفترة ما بين 2024 و2030، باستثمارات إجمالية تفوق 96 مليار درهم.
المشروع الذي يُعد امتدادًا للرؤية التنموية الكبرى التي يقودها الملك محمد السادس، يرتكز على تشييد 430 كيلومتراً إضافيًا من الخطوط فائقة السرعة، مما سيرفع طول الشبكة إلى 630 كلم قبل نهاية العقد الجاري. وبذلك يدخل المغرب نادي كبار مشغلي القطارات فائقة السرعة في العالم، برؤية متكاملة تجمع بين السرعة، الاستدامة، والتصنيع المحلي.
وأكد محمد ربيع الخليع، المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، في حوار مع قناة "ميدي 1" أن المغرب بصدد إنجاز أكبر توسع في البنية التحتية للسكك الحديدية منذ عقود، حيث سيتم خلال الفترة 2024-2030 إطلاق أشغال 430 كلم جديدة من خطوط القطار فائق السرعة، ليرتفع مجموع الشبكة إلى 630 كلم، باستثمار يبلغ 53 مليار درهم مخصص للبنية التحتية فقط.
🔹 تحول نوعي في النقل السككي
وأوضح الخليع أن هذا التوسع سيمكّن من تقليص أوقات السفر بشكل كبير، حيث ستستغرق الرحلة من طنجة إلى مراكش حوالي ساعتين و40 دقيقة، بدلًا من أكثر من خمس ساعات حاليًا، كما سيختصر التنقل بين طنجة والرباط إلى ساعة واحدة فقط.
🔹 خدمة كأس العالم... ومحطات للغد
يمثل المشروع أيضًا استجابة مباشرة لمتطلبات احتضان المغرب لكأس العالم 2030، من خلال ربط المدن المستضيفة مثل الرباط، بنسليمان، والدار البيضاء، بخطوط فائقة السرعة، وتسهيل الوصول إلى مطار محمد الخامس الدولي. وقد تم التنسيق مع المكتب الوطني للمطارات لضمان سلاسة التنقل بين القطار والطائرة.
🔹 168 قطارًا جديدًا... واستثمار صناعي عميق
وفي سياق موازٍ، أطلق المكتب برنامجًا لتجديد وتوسيع أسطوله يشمل اقتناء 168 قطارًا جديدًا، موزعة على ثلاث فئات: 18 قطارًا فائق السرعة (320 كلم/س)، 40 قطارًا بسرعة 200 كلم/س، و110 قطارات للخطوط الإقليمية والقروية. وقد رُصد لهذا البرنامج 29 مليار درهم، وتم توزيع الصفقات بين شركات فرنسية، إسبانية، وكورية جنوبية.
🔹 التصنيع المحلي واستراتيجية "صنع في المغرب"
كشف الخليع أن أحد شروط إبرام هذه الصفقات كان نقل التكنولوجيا والصناعة إلى المغرب، إذ سيتم تصنيع عدد من مكونات القطارات وطنيا في فاس وبنغرير، كما سيتم بناء مصانع جديدة لإنتاج العربات ومكوناتها، بما يتيح للمملكة التوجه نحو تصدير القطارات ومستلزماتها مستقبلاً، على غرار ما تحقق في قطاعي السيارات والطيران.
بحلول 2030، سيكون المغرب قادرًا على تصنيع قطاراته محليًا بنسبة إدماج عالية، تتجاوز 80%، في إطار رؤية واضحة لتطوير منظومة صناعية سككية متكاملة. وقد تم بالفعل تأسيس "كلستر السكك الحديدية" بمشاركة أكثر من 60 فاعلاً بين شركات صناعية، جامعات، ومراكز بحث.
🔹 رأسمال بشري وطني بخبرة عالمية
أكد الخليع أن أحد أسرار نجاح التجربة المغربية هو الرأسمال البشري المؤهل، إذ بات المهندسون والتقنيون المغاربة يشرفون بشكل كامل على صيانة وتشغيل الخطوط، بل ويتم الاستعانة بخبراتهم في دول إفريقية. كما يجري العمل على استقطاب كفاءات مغربية من الخارج للعمل على المشاريع الوطنية.
🔹 نموذج اقتصادي مستدام
يتمتع النموذج المغربي في النقل السككي بقدرة تشغيلية عالية وكلفة تشغيلية منخفضة، مما يجعله نموذجًا مستدامًا اقتصادياً واجتماعياً، يمكن من تقديم خدمات بأسعار مناسبة لفئات واسعة من المواطنين، وهو ما يعزز مكانة القطار فائق السرعة كوسيلة نقل شعبية وفعالة.
واضح من مداخلة المدير العام لـONCF أن مشروع توسيع شبكة القطار فائق السرعة بالمغرب ليس فقط مشروعًا للبنية التحتية، بل هو رهان استراتيجي على التموقع الاقتصادي والصناعي للمملكة، وعلى تأكيد قدرة المغرب على دخول نادي كبار المصنعين والمشغلين للتكنولوجيا المتقدمة، برأسمال بشري وطني وشراكات دولية ذكية.