اقتصادكم-حنان الزيتوني
بعد مرور أربع سنوات على دخول نظام المساهمة المهنية الموحدة حيز التنفيذ، كصيغة جديدة قدمت آنذاك على أنها حل شامل لإشكاليات ضريبية واجتماعية عمرت طويلا. وعد التجار والحرفيون بتبسيط الإجراءات، وتخفيف الأعباء، وتمكينهم من التغطية الصحية، في إطار شراكة "جديدة" بين الإدارة والمهنيين، لكن بعد هذه السنوات، تتعالى الأسئلة وتتصاعد الملاحظات.
وفي الواقع، لا يبدو أن جميع الأطراف تتقاسم نفس النظرة لهذا الورش، فبين مداخيل انخفضت إلى الثلث، وانخراط أقل من المتوقع، وتذمر في صفوف مهنيين يرون أن العبء ما زال قائما وإن تغيرت تسمياته تظهر الحاجة اليوم إلى تقييم واقعي، هادئ، لكنه صريح.
هذا التقييم لا يهم فقط الإدارة الجبائية، بل يمس جوهر العلاقة بين الدولة وقطاع تجاري وحرفي واسع، ظل لسنوات خارج التغطية وخارج الثقة أيضا. فهل فعلا تغير شيء؟ وأين الخلل إن وجد؟.
إصلاح ضريبي وشراكة ممتدة
وفي هذا السياق، قال يونس القيطوني، المدير العام للضرائب، إن "الشراكة بين المديرية العامة للضرائب وبين التجار والتنسيقيات الأكثر تمثيلية هي شراكة طويلة الأمد، ونحن نشتغل منذ سنين طويلة. وقد تم تنظيم مناظرات أفضت إلى مجموعة من التوصيات، من أبرزها استبدال النظام الجزافي وما كان يعرف سابقا بالضريبة على الدخل، بمساهمة مهنية موحدة، تهدف إلى جمع مختلف الضرائب المفروضة على التاجر ضمن ضريبة واحدة فقط".
وأضاف القيطوني في تصريح لموقع "اقتصادكم" على هامش اليوم الدراسي الذي نظمته وزارة الصناعة والتجارة يوم أمس الاثنين 29 شتنبر الجاري بسلا حول التجارة الداخلية، أن هذه المساهمة المهنية الموحدة لا تشمل فقط الجوانب الجبائية، بل تضم أيضا التغطية الصحية، باعتبارها ورشا ملكيا هاما، تسعى الدولة إلى تعميمه على مختلف الفاعلين، خصوصا التجار والحرفيين.
تحديات الانطلاقة وتراجع المداخيل
وأضاف القيطوني أنه رغم أن هذه المساهمة تمثل خطوة مهمة نحو تبسيط العلاقة بين التاجر والإدارة، فإن انطلاقها في سنة 2021 جاء في ظرفية دقيقة، تزامنت مع تداعيات جائحة كوفيد-19، التي أثرت بشكل كبير على النشاط الاقتصادي عموما، والتجاري خصوصا.
وبحسب المعطيات التي كشف عنها القيطوني، فإن مداخيل الدولة من هذه المساهمة انخفضت إلى الثلث مقارنة بالنظام السابق، وهو ما كان متوقعا، ويعد جزءا من استراتيجية تحفيزية تهدف إلى تشجيع هذه الفئة على الاندماج في المنظومة الجبائية الجديدة.
التقييم بعد أربع سنوات
وبعد مرور أربع سنوات على اعتماد هذه المساهمة المهنية الموحدة، يؤكد القيطوني أن الحصيلة العامة إيجابية، سواء من حيث انخراط التجار أو تحقيق هدف التغطية الصحية، لكن التحدي الحقيقي اليوم يكمن في عدد المنخرطين، حيث لوحظ تراجع غير مبرر في عدد المساهمين، في الوقت الذي كان ينتظر فيه ارتفاع تدريجي في وتيرة الانخراط.
وأوضح أن "النقطة التي يجب التركيز عليها اليوم هي توسيع قاعدة المساهمين، لأن الهدف الأساسي هو رفع الحيف عن التاجر ومنحه حقوقا اجتماعية أساسية، في مقدمتها التغطية الصحية، دون أن يشعر بثقل الضريبة".
مرحلة جديدة من الإنصاف والالتزام
وأورد المسؤول ذاته، أن المديرية العامة للضرائب تؤكد من جهتها أن هذا الورش لا يهدف إلى تحقيق مداخيل فورية، بل إلى دمج القطاع غير المهيكل وضمان عدالة جبائية واستفادة اجتماعية حقيقية. ومن هذا المنطلق، فإن أي تقييم للمساهمة المهنية الموحدة يجب أن يأخذ بعين الاعتبار هذه الأبعاد التنموية والاجتماعية، لا فقط البعد المالي.
وأبرز القيطوني، أن هناك إرادة حقيقية لمواصلة هذا الإصلاح، شرط التزام جميع الأطراف، وتحقيق توازن بين التحفيز والمواكبة من جهة، والواجب والانخراط من جهة أخرى.