بين الحذر والتحفيز.. السياسة النقدية المغربية تترقب تحديات التضخم والنمو

الاقتصاد الوطني - 26-09-2025

بين الحذر والتحفيز.. السياسة النقدية المغربية تترقب تحديات التضخم والنمو

 

اقتصادكم_حنان الزيتوني


تشير آخر المؤشرات الاقتصادية إلى أن معدل التضخم في المغرب سجل تباطؤا نسبيا خلال الأشهر الأخيرة، مدعوما بتراجع أسعار بعض المواد الفلاحية الأساسية، إلى جانب تحسن في احتياطي العملة الصعبة بفضل تحويلات الجالية وارتفاع العائدات السياحية. هذا التطور يمنح الاقتصاد الوطني متنفسا نسبيا، لكنه يظل هشا أمام تقلبات الأسواق العالمية وارتفاع كلفة التمويل.

 

قرار بنك المغرب 

وفي هذا السياق، علق المحلل الاقتصادي عبد الرزاق الهيري قائلا: "إن قرار بنك المغرب الأخير بالإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي عند 5% في اجتماع 23 شتنبر 2025 يعكس توجها نحو الحذر والاعتدال. فالتدخل النقدي مازال في مستوى معتدل، ويتماشى مع الهدف المرسوم لاستقرار الأسعار في حدود 2%".


وأورد الهيري في اتصال مع "اقتصادكم" أن البنك المركزي اعتبر أن رفع سعر الفائدة لم يكن ضروريا، لأنه سيؤدي إلى كبح الطلب الداخلي والحد من دينامية الاستهلاك، وهو ما سينعكس سلبًا على النمو الاقتصادي.

 

مخاطر التخفيض

وأضاف الهيري: "مقابل ذلك، فإن أي قرار بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي قد يؤدي إلى تحفيز النشاط الاقتصادي على المدى القصير، لكنه قد يفتح المجال أمام ارتفاع معدل التضخم العام. ولهذا فإن التعامل مع هذه الأداة يتطلب كثيرا من الحذر، لأن أي خطأ في تحديد المستوى الأمثل لسعر الفائدة ستكون له آثار صريحة ومباشرة على التوازنات الاقتصادية والمالية للمغرب".


وأكد المحلل الاقتصادي أن: "الحفاظ على السياسة النقدية في مستواها الحالي يبقى الخيار الأنسب في هذه المرحلة، لأنه يحقق التوازن بين دعم الاستثمار وتخفيف الضغط على الاستهلاك من جهة، وضمان استقرار الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين من جهة أخرى. كما أن أي تسرع في رفع أو خفض الفائدة قد يقوض الجهود المبذولة لضمان استدامة النمو والحفاظ على ثقة المستثمرين".

 

رؤية مستقبلية

واستطرد الهيري قائلا: "هذا القرار يعكس بوضوح رغبة بنك المغرب في ترسيخ الثقة في السياسة النقدية، مع إبراز أن معركة التحكم في التضخم لم تنته بعد. فالتحدي الأكبر يتمثل اليوم في دعم النمو دون التضحية باستقرار الأسعار. ويبدو أن الرهان في المرحلة المقبلة لن يكون محصورا فقط في السياسة النقدية، بل سيعتمد أيضا على قدرة الحكومة في تفعيل إصلاحات هيكلية تعزز مناخ الأعمال، وتدعم تنافسية المقاولات، وتفتح آفاقا جديدة للاستثمار المحلي والأجنبي".