اقتصادكم
في ظل متغيرات سوق الشغل وتحديات البطالة، لا سيما في صفوف الشباب غير الحاصلين على شهادات جامعية، تطرح الحكومة المغربية خارطة طريق جديدة للتشغيل للفترة 2025-2027، تقوم على منطق الإدماج والكفاءة خصوصا فيما يخص المقاولات الصغيرة والمتوسطة.
ويشير الخبير الاقتصادي خالد القباج، في حوار مع Finances News Hebdo، إلى أن حوالي 70% من الشباب العاطلين لا يحملون شهادات عليا، ما دفع الحكومة إلى بلورة مقاربة عملية تُمكّنهم من ولوج سوق الشغل عبر ثلاث أدوات رئيسية وهي التكوين بالتناوب بين التكوين النظري والعمل الميداني داخل المقاولات، وهو ما سيمكن أكثر من 100 ألف شاب سنويًا من اكتساب مهارات عملية مرتبطة باحتياجات السوق، وتسريع تعميم "مدن المهن والكفاءات" (CMC)، والتي أصبحت مراكز جهوية لتكوين الشباب حسب خصوصيات كل منطقة اقتصادية، التي تُقدم تكوينات مرنة وموجهة للشباب غير الحاصلين على شواهد أكاديمية.
بالإضافة إلى إطلاق برامج إعادة التأهيل السريع في القطاعات الواعدة للتصدير، مثل الصناعات والخدمات، مع تمويلات موجهة من خلال OFPPT وMaroc PME، إلى جانب نظام جديد للاعتراف بالكفاءات المكتسبة في سوق الشغل غير المهيكل.
تشجيع المقاولات على تشغيل الكفاءات "اللامدرسية"
من جهة أخرى، تتضمن خارطة الطريق مجموعة من التحفيزات الموجهة للمقاولات لتشغيل الشباب غير الحاصلين على شهادات، وأبرزها نظام "تحفيز" يتيح الإعفاء من المساهمات الاجتماعية لمدة عامين، ومنح إدماج تصل إلى 30 ألف درهم للمقاولات المصدرة التي توظف شبابًا مكونين في مراكز CMC أو في برامج تأهيلية، واتفاقيات قطاعية مع قطاعات السيارات والنسيج والصناعات الغذائية لتكوين وإدماج 150 ألف شاب بحلول عام 2027 دون اشتراط شهادة جامعية، ومشروع علامة "المقاولة الدامجة"، لمنح الأفضلية في الطلبيات العمومية للشركات التي تدمج فئات غير تقليدية من الشباب، وتُقيم الكفاءة قبل الشهادة.
التصدير بوابة جديدة للتشغيل
تطمح الحكومة أيضًا إلى جعل التجارة الخارجية رافعة مركزية لخلق فرص الشغل، وليس مجرد مؤشر اقتصادي، حيث أوضح القباج أن قطاع السيارات وحده مرشح لخلق 45 ألف وظيفة مباشرة في أفق 2027، دون احتساب مئات الآلاف من فرص الشغل في الخدمات اللوجستية، والتقنية، والدعم المتصل بسلاسل التصدير.
كما تم تطوير منصات تدريب مخصصة مثل Tanger Med Skills Center، لتأهيل أكثر من 3000 شاب سنويًا في مهن داعمة للأنشطة المينائية والصناعية.
إلى جانب ذلك، تراهن الدولة على دعم الشباب في العالم القروي والجهات المهمشة عبر التكوين في الفلاحة المستدامة، والصناعات التقليدية، والسياحة البديلة، وغيرها من القطاعات ذات الطابع المحلي، في إطار رؤية ترابية تعتمد على تنمية القرب وتقليص الفوارق الجهوية.
ما تطرحه هذه الاستراتيجية، كما يشير القباج، هو تحول ثقافي عميق: من اعتبار الشهادات المعيار الوحيد للتوظيف، إلى الاعتراف بالمهارات المكتسبة على الميدان، واعتبار المؤسسة الاقتصادية فضاء للتعلم والاعتراف بدل الاقتصار على "الجاهز".