لماذا يشكل المغرب تهديدا حقيقيا لصناعة السيارات الأوروبية؟

الاقتصاد الوطني - 12-05-2025

لماذا يشكل المغرب تهديدا حقيقيا لصناعة السيارات الأوروبية؟

اقتصادكم

 

تمر صناعة السيارات الأوروبية بواحدة من أصعب فتراتها، حيث أثرت القوانين البيئية الصارمة والتحول نحو السيارات الكهربائية بشكل سلبي على أداء المصنعين الأوروبيين، إلى درجة دفعت بالمفوضية الأوروبية إلى اتخاذ قرار خلال الأسبوع الماضي بتمديد خططها لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في سيارات الركاب والشاحنات الخفيفة حتى عام 2027، وذلك لتجنب إلحاق أضرار إضافية بالعلامات التجارية الأوروبية، التي قد تتعرض لعقوبات مالية ضخمة تهدد مستقبلها.

ويثير تصاعد القوة الصناعية لبعض الدول من خارج الاتحاد الأوروبي، مثل تركيا، وخصوصاً المغرب، قلقاً متزايداً داخل أوروبا، بما في ذلك في إسبانيا. ففي الوقت الذي تراجع فيه ترتيب إسبانيا إلى المركز التاسع عالمياً في إنتاج السيارات، مع توقّعات بتراجع إضافي بنسبة 15%، يشهد المغرب نمواً متسارعاً بمعدل 12% سنوياً، وينتج حالياً ما يصل إلى نصف مليون سيارة سنوياً.

وذكر موقع Autopista الإسباني المتخصص أن الصناعة الأوروبية المحلية تتخلف عن الركب في عدد من "التقنيات الاستراتيجية" مثل البطاريات، والبرمجيات، وأنظمة الترفيه والمعلومات، وقيادة السيارات الذاتية. ويُعزى ذلك جزئياً إلى محدودية التحكم في المواد الخام الحيوية، إضافةً إلى ضعف القدرة التنافسية أمام المصنعين الأجانب الذين يحظون بدعم وتمويل أكبر من دولهم، كما هو الحال مع الصين، الولايات المتحدة، كوريا الجنوبية، واليابان.

ورغم بدء فرض رسوم جمركية على السيارات الصينية كإجراء حمائي أولي، فإن المزيد من الخطوات من هذا النوع مرتقبة.

وبات المغرب، الذي يتصدر الآن إنتاج السيارات في القارة الافريقية، يستعد لتصنيع الجيل المقبل من طراز Citroën C4 في مصنع القنيطرة، وهو الطراز الذي كان يُصنع سابقاً في مصنع فيايافيردي (مدريد). ويُضاف هذا إلى قائمة طويلة من الطرازات التي يتم تصنيعها في المغرب، مثل Dacia Logan وJogger وSandero، وRenault Express، وPeugeot 208، وCitroën Ami، وOpel Rocks Electric، وFiat Topolino، وغيرها من السيارات، بالإضافة إلى ازدياد إنتاج مكونات السيارات.

وبسبب هذه الديناميكية التي بدأت تلحق أضراراً ملموسة بالصناعة الأوروبية، والتي قد تُهدد مستقبلاً حتى الصناعة الإسبانية نظراً للقرب الجغرافي من المغرب، أعلنت المفوضية الأوروبية نيتها التحرك، عبر فرض رقابة صارمة على مكونات السيارات المستوردة من دول كالمغرب وتركيا.

ويعود السبب في ذلك إلى أن العديد من السيارات التي تُسوّق حالياً على أنها "مصنوعة في أوروبا" يتم في الواقع تصنيعها باستخدام نسبة كبيرة من المكونات المنتجة خارج الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً في المغرب الذي أصبح فاعلا رئيسياً في هذا المجال.

وفي هذا الإطار، كشفت المفوضية الأوروبية عن خطط لتشديد القوانين من أجل منع تصنيف هذا النوع من السيارات ضمن خانة "صنع في الاتحاد الأوروبي"، مع إدخال حوافز وقواعد جديدة تضمن أن تحتوي السيارات المباعة في أوروبا على نسبة أكبر من المكونات الأوروبية، بالإضافة إلى مراقبة المنافسة غير العادلة.

المغرب.. الأرخص في تكلفة اليد العاملة

من بين أبرز العوامل التي تُعزّز من جاذبية صناعة السيارات في المغرب، تبرز تكلفة اليد العاملة المنخفضة. فقد أظهر تقرير صادر عن شركة الاستشارات الدولية Oliver Wyman أن تكلفة العمل المباشرة وغير المباشرة في خطوط إنتاج السيارات في المغرب تُعد من بين الأدنى عالمياً، إذ لا تتجاوز 173 دولاراً أمريكياً لكل سيارة، وهو رقم أقل بكثير مقارنة بدول مثل المكسيك (414 دولاراً)، الصين (585)، كوريا الجنوبية (769)، والتشيك (769).

المصنعون يعيدون توجيه بوصلتهم نحو المغرب

وبحسب التقرير ذاته، فإن بروز دول صاعدة مثل المغرب في قطاع السيارات دفع العديد من المصنعين العالميين إلى إعادة النظر في هيكلة تكاليفهم ومواقع إنتاجهم.

وليس انخفاض الأجور العامل الوحيد، بل يُضاف إليه أيضاً انخفاض تكلفة الطاقة في المغرب مقارنة بالدول الأوروبية الكبرى، فضلاً عن قوانين بيئية أقل صرامة، ما يُقلّل من التكاليف المرتبطة بالبنية التحتية والتقنية مقارنةً بما هو مفروض داخل الاتحاد الأوروبي.