اقتصادكم
تحولت المملكة العربية السعودية إلى لاعب رئيسي في سوق انتقالات لاعبي كرة القدم لتصل إلى مصاف البطولات الكبرى مثل الانجليزية والإسبانية والإيطالية، وذلك في ضوء حجم الإنفاق المالي للأندية في موسم الانتقالات الأخير، رغم أن الإيرادات الضئيلة من حقوق البث الإعلامي ومؤشرات الحضور الجماهيري المنخفضة نسبيا تشك ل تحديا يواجه الدوري المحلي.
وأضحت المملكة العربية السعودية من خلال فورة الإنفاق الأخيرة من ق بل أندية كرة القدم السعودية، من ضمن أكبر أسواق انتقالات اللاعبين في العالم، حيث شكلت قوة جديدة تضاف للأسواق الكبرى في الوقت الحالي.
وأنفقت الأندية السعودية 875.4 مليون دولار لجلب لاعبين أجانب في الفترة من 1 يونيو الماضي إلى 1 شتنبر الحالي، وفقا لأحدث بيانات أعلنتها "الفيفا"، ليقترب قليلا من الأندية الإنجليزية، التي أنفقت 1.98 مليار دولار، خلال نفس الفترة.
وما حدث في موسم الانتقالات الأخير يعد تغيرا جذريا عما كان عليه قبل عام عندما كانت المملكة خارج تصنيف الـ10 البلدان الأكثر إنفاقا. كما تؤكد الخطوات التي تتخذها القيادة السعودية سعيها الحثيث إلى تنويع الاقتصاد ليشمل الرياضة والسياحة وجعل البلاد أقل اعتمادا على النفط.
ويرجع جزء أساسي من الطفرة الكروية في المملكة إلى قرار نقل السيطرة على أربعة أندية في الدوري السعودي للمحترفين إلى صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي)، وهي الهلال والاتحاد والنصر والأهلي.
وشهد العام الجاري انتقال النجم البرازيلي نيمار والفرنسي كريم بنزيما الفائز بالكرة الذهبية وقائد نادي ليفربول السابق جوردان هندرسون إلى السعودية بعقود مالية ضخمة، وكذا الحارس المغربي ياسين بونو، بعقد قيمته 21 مليون أورو، يمتد من 17 من غشت 2023 ولغاية 30 من يونيو 2026.
وجاءت التعاقدات بعد وصول الأسطورة البرتغالية التي غيرت قواعد اللعبة كريستيانو رونالدو إلى الدوري السعودي للمحترفين أواخر 2022.
وكشف موقع "ترانسفير ماركت" المختص في البيانات المالية في كرة القدم، في تقرير آخر عن ترتيب الأندية السعودية في صفقات الشراء هذا الصيف، حيث يحتل نادي الهلال المرتبة الثانية عالميا خلف نادي آرسنال، ويأتي نادي النصر السعودي في المركز الـ12 على مستوى العالم مع احتساب قيمة صفقة السنغالي ساديو ماني، ثم النادي الأهلي السعودي في المركز الـ13 مع احتساب قيمة صفقة الجناح الفرنسي ماكسيمان، ويأتي نادي الاتحاد السعودي في المركز الـ15 في الترتيب العالمي مع احتساب صفقة المحور البرازيلي فابينيو.
وساهمت هذه التعاقدات في حصول الدوري السعودي على صفقات لبث المباريات في أكثر من 130 سوقا، ما ضاعف إيرادات البث الإعلامي 4 مر ات عن الموسم الماضي البالغة إيراداته حوالي 710 آلاف دولار. غير أن هذا المبلغ يبقى ضئيلا مقارنة بإيرادات حقوق البث للدوري الإنجليزي الممتاز البالغة 4 ملايير دولار لموسم 2023/2022.
فأرقام الحضور المنخفضة نسبيا للمباريات، والإيرادات الضئيلة من حقوق البث الإعلامي، تشك ل تحديا يواجه الدوري المحلي الذي يتطلع إلى مضاعفة إيراداته السنوية 4 مرات لتصل إلى 480 مليون دولار بحلول عام 2030.
فمنذ بداية موسم كرة القدم الجديد، بلغ متوسط عدد الحضور في الدوري السعودي للمحترفين حتى الآن 8500 متفرج لكل مباراة. ومع أن هذا الرقم يمثل زيادة بنسبة 24 في المئة عن العام الماضي، إلا أنه ضئيل مقارنة بالدوري الإنجليزي الممتاز والدوري الألماني حيث يبلغ متوسط الحضور حوالي 40 ألف مشجع لكل مباراة.
ويستمر الموسم الجديد من الدوري السعودي حتى مايو 2024، وسيشهد المزيد من المباريات بين الأندية المدعومة من صندوق الاستثمارات العامة، ما قد يسهم في تعزيز أرقام الحضور. وخلال الموسم الجديد، استحوذت المباريات التي شاركت فيها الأندية الأربعة الكبرى المدعومة من الصندوق السيادي السعودي على 90 في المئة من إجمالي حضور المباريات. واستقطب نادي الأهلي، الوافد الجديد إلى الدوري، خ مس الحضور حتى الآن.
ومع ذلك، فإن إيرادات تذاكر المباريات تبقى متواضعة مقارنة بحجم إنفاق الفرق لجلب لاعبين أجانب، خلال الفترة من أول يونيو إلى مطلع شتنبر، والذي تجاوز إجماليه 875 مليون دولار.
وأقر الرئيس التنفيذي للعمليات في الدوري السعودي للمحترفين كارلو نهرا، في تصريحات صحفية، بأن إيرادات عقود البث الحالية "ليست ضخمة بما يكفي لتمويل كافة أنشطة الأندية، لكنها بالتأكيد خطوة مهمة"، مشيرا إلى أن نمو الدوري السعودي عملية طويلة الأجل، ولا يوجد جدول زمني محدد لتحقيق التوازن بين النفقات والمداخيل.