اقتصادكم
يحظى نظام العمل لمدة أربعة أيام في الأسبوع بإقبال واسع في عدد من الدول الأوربية. ويستهوي هذا النظام المبتكر عددا متزايدا من العاملين والمقاولات الفرنسية.
وفي عالم متغير منذ جائحة "كوفيد-19" وتضاعف الدعوات من أجل حماية أفضل للمناخ، اكتسبت آليات إعادة تنظيم العمل زخما مهما مع التركيز بشكل خاص على الرابط بين ظروف العمل ونجاعة العمال.
وإذا كان إدخال العمل عن بعد، في ظل الوباء الذي فرض إعادة تنظيم عمل جديد على المقاولات من أجل التكيف مع الصعوبات الجديدة الناجمة عن الجائحة، أظهر إلى حد ما فعاليته للعاملين وأرباب المقاولات، وكذا للبيئة مع تقليل السفر وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بدأت ظاهرة العمل لأربعة أيام في الأسبوع تنتشر ببطء في فرنسا.
ويتم حاليا اختبار هذه الصيغة من قبل بريطانيا، التي أطلقت مرحلة اختبارية مدتها 6 أشهر في بداية العام، بينما تم فتح النقاش في إسبانيا وبلجيكا وعدة دول أوروبية أخرى.
والأكيد أن هذه ليست ثورة ستحدث بين عشية وضحاها، لكنها تواصل كسب أتباع في جميع أنحاء العالم.
ففي فرنسا، لا يزال الإجراء بعيدا عن إقناع الأغلبية بوجاهته، ولكن المزيد من المقاولات والعاملين يظهرون اهتمامهم بهذه المبادرة، لاسيما فيما يتعلق بتوازن الحياة والدوافع البيئية والأهداف الاقتصادية.
ووفقا لدراسة أنجزها مكتب (إي.واي)، فإن 64 % من الموظفين الفرنسيين يرغبون في الاستفادة من مرونة أكبر في تنظيم ساعات عملهم، مع إمكانية تركيزها على مدى أربعة أيام.
وأظهر استطلاع (روبيرت هالف) تم إجراؤه على الإنترنيت في يونيو 2022 لدى 300 قيادي فرنسي من مقاولات من جميع الأحجام في القطاعين الخاص والعام، أن 35 % من أرباب العمل يخطط لتجربة أسبوع لمدة أربعة أيام خلال العام المقبل.
من جانبها، كشفت دراسة (سيتريكس) أن 84 % من الفرنسيين يقولون إنهم سيختارون بكل فرح أسبوع عمل من أربعة أيام إذا تم عرضه عليهم، بينما قال 71 % إنهم سيوافقون فقط إذا تم الحفاظ على نفس مستوى الراتب.
وبالنسبة للوران دو لا كليرجيري، رئيس مجلس إدارة مجموعة (إل.دي.إل.سي)، إحدى المقاولات الأولى التي انضمت إلى أسبوع الأربعة أيام، فقد ولدت الفكرة من مقال صحفي بسيط حول هذا الموضوع.
ووعيا منها بتحسين جودة الحياة لموظفيها، قررت الشركة وضع هذا النظام رغم بعض المخاوف المتعلقة بزيادة النفقات.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال لوران دو لا كليرجيري "كان الجميع سعيدا بوضع هذا النظام، باستثناء المسيرين الذين كانت لديهم شكوك في بداية الأمر، لأنه كان لابد من مراجعة جداول عمل الموظفين".
وأكد أن فكرته الجريئة أتت ثمارها، مسجلا "نعمل بشكل أفضل في أربعة أيام وبطريقة أكثر فاعلية".
وكان نجاح مجموعة (إل.دي.إل.سي) الذي سلطت وسائل الإعلام الضوء عليها، وراء اعتماد هذا الإجراء من قبل المقاولات الأخرى في فرنسا.
وبالنسبة للموظفين، يعمل أسبوع لمدة أربعة أيام على تقليل التعب والضغط المترتب عن السفر، ويضمن توازنا أفضل بين العمل والحياة الشخصية، بينما يساعد أرباب العمل على تعزيز الإنتاجية والأداء.
وفي هذا الصدد، قال دو لا كليرجيري إنه "في 2018، كان لدى المجموعة 1050 موظفا مقابل رقم معاملات بلغ 500 مليون يورو، في العام الماضي"، مضيفا أنه "بعد إدخال هذا النظام عام 2021، أصبح لدينا 1060 موظفا مقابل رقم معاملات بلغ 685 مليونا، أي بزيادة 40 % مع 10 أشخاص إضافيين فقط".