اقتصادكم
في سياق الدينامية الاقتصادية والنمو الديمغرافي المتسارع، يعرف قطاع الإسكان والتعمير في المغرب حركية غير مسبوقة، ما يستدعي تحديث الإطار التشريعي المنظم له. فمع تزايد أوراش البناء وتكاثر مشاريع السكن، أصبحت الحاجة ملحة إلى منظومة قانونية متكاملة قادرة على مواكبة هذه التحولات.
وفي هذا الإطار، صادق المجلس الحكومي في وقت سابق على مشروع القانون رقم 34.21، الذي يعد تعديلاً وتتمة للقانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وعمليات التقسيم، وذلك بهدف مواكبة المستجدات السوسيو-اقتصادية التي يعرفها المغرب اليوم.
قانون محدث لمواكبة الواقع
وقالت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، إن هذا المشروع يأتي كـ"حل عملي وواقعي للصعوبات التي يعرفها القطاع، ويساهم في تعزيز الدور الاستراتيجي للتجزئات العقارية في تأطير وتطوير المجال الحضري، وكذا دعم الاستثمار وخلق فرص الشغل".
وترتكز هذه الإصلاحات على تبسيط المساطر، وتسريع وتيرة الإجراءات، وتوفير رؤية أوضح للفاعلين في القطاع، بما من شأنه أن يُعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني.
مطالب مهنية وتحديث مستحق
العديد من المهنيين اعتبروا أن مراجعة هذا القانون كان مطلباً ملحّاً منذ سنوات، خصوصاً أنه يعود إلى أوائل التسعينيات، ولم يعد يواكب التغيرات الحاصلة في قطاعي البناء والتعمير. وفي هذا السياق، قال خالد اليوسيفي، رئيس هيئة المهندسين الطوبوغرافيين، في تصريح لجريدة "Finances news hebdo "، إن القانون الجديد يستجيب فعلاً لبعض الإشكاليات المطروحة، لكنه ما يزال بحاجة إلى تعديلات إضافية عبّر عنها المهنيون خلال لقاءات التشاور.
وأكد اليوسيفي أن هذه التعديلات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار أثناء مناقشة النص في البرلمان، مبرزاً أن "النص الحالي يظل خطوة أولى مهمة، لكنه لم يكتمل بعد تشريعياً".
أبرز مستجدات القانون
من أبرز المستجدات التي جاء بها مشروع القانون 34.21:
تمديد صلاحية رخص التجزئة حسب مساحة المشروع، لتصل إلى 15 سنة.
إمكانية تعليق الآجال في حال توقف الأشغال لأسباب قاهرة، مثل الأزمات الصحية أو الاقتصادية.
تمكين رؤساء الجماعات من استرجاع مصاريف الإصلاح في السنة الموالية للتسلم المؤقت للمشاريع، في إطار محاربة الغش في الصفقات العمومية.
التحويل التلقائي للبنيات التحتية (كالطرقات والمساحات الخضراء والشبكات) إلى الملك الجماعي العام فور التسلم المؤقت.
تبسيط إجراءات التحفيظ العقاري، باعتماد محضر التسلم كوثيقة مرجعية لدى المحافظ العقاري.
إحداث لجنة موحدة تضم ممثلي الجماعة، العمالة والوكالة الحضرية للبتّ في الشواهد الإدارية، تفادياً للنزاعات.
كما خصص القانون فصولاً لمعالجة أوضاع المناطق ذات التهيئة التدريجية (ZAP)، لاسيما تلك المخصصة لبرامج المصلحة العامة أو إعادة الإيواء، بما يُسرّع عمليات إعادة إسكان سكان الأحياء العشوائية أو الآيلة للسقوط.
إصلاح في الاتجاه الصحيح... لكن بحذر
رغم الترحيب العام من طرف الفاعلين في القطاع، فإن بعض الأصوات المهنية تُبدي تحفّظاً بخصوص بطء وتيرة الإصلاحات وعدم إدراج كافة الملاحظات التي سبق أن قُدّمت خلال مشاورات الحوار الوطني حول السكن والتعمير.
غير أن التعديل القانوني يشكل، برأي العديد من المهنيين، خطوة أولى نحو إصلاح هيكلي شامل، من شأنه أن يُحدث تحوّلاً حقيقياً في كيفية إعداد المشاريع، تسليم الرخص، وتتبع الأشغال، بما يُرسّخ الشفافية ويُعزّز مناخ الثقة بين المستثمرين والإدارة.