المجلس الاقتصادي يحذر من هشاشة التشغيل اللانمطي في ظل الثورة الرقمية

آخر الأخبار - 18-06-2025

المجلس الاقتصادي يحذر من هشاشة التشغيل اللانمطي في ظل الثورة الرقمية

 

اقتصادكم

 

كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن سوق الشغل بالمغرب يعيش على وقع تحولات جذرية نتيجة الثورة الرقمية وتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى بروز أنماط تشغيل جديدة، فرضت نفسها كواقع مهني مستجد، لكنها لا تخلو من إشكاليات عميقة تمس أساسا الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للعاملين.

وفي وثيقة رأي حملت عنوان "الأشكال اللانمطية للتشغيل والعلاقات المهنية: تحديات جديدة وفرص ناشئة"، وقف المجلس عند ثلاثة أنماط تشغيلية صاعدة باتت تكتسح سوق العمل، وهي: العمل عن بعد، والعمل عبر المنصات الرقمية، والعمل لبعض الوقت. وأكد أن هذه الأشكال انتشرت بشكل أكبر بعد أزمة كوفيد-19، محدثة تغييرات ملحوظة في نمط علاقات الشغل وأساليب الإنتاج.

أوضح المجلس أن هذه الأنماط المستحدثة فتحت المجال أمام أنشطة غير تقليدية، منها خدمات التوصيل، النقل عبر التطبيقات، تطوير البرمجيات، الترجمة، الاستشارة، والتصميم، إضافة إلى أعمال جزئية تنجز لفائدة أكثر من مشغل، أو تزاوج بين العمل والدراسة أو الانشغالات الأسرية.

واعتبر أن هذا الشكل من التشغيل يحمل في طياته مزايا مهمة، سواء بالنسبة لأرباب العمل أو للأجراء، حيث يمنح مرونة أكبر في تنظيم الموارد البشرية وتوزيع الوقت، ويمكن من الاستجابة السريعة لمتطلبات السوق، ويقلص من تكاليف الإنتاج. كما يعزز من فرص استقطاب كفاءات متنوعة، محليا ودوليا، ما ينعكس على جودة الخدمات ورفع الإنتاجية.

وعلى صعيد آخر، أبرز المجلس أن هذه الأنماط تتيح للعاملات والعاملين إمكانيات أكبر للتوفيق بين حياتهم المهنية والشخصية، وتخلق بيئة مشجعة على الإبداع والمبادرة، خصوصا لفئات مثل النساء، كبار السن، وذوي الإعاقة. كما تساهم في الحد من التنقلات اليومية، مما يخفف الضغط على البنية التحتية ويعزز من النجاعة الطاقية.

ورغم هذه المكاسب، شدد المجلس على أن هذا الشكل من التشغيل يظل محاطاً بعدد من التحديات، على رأسها غياب التأطير القانوني المناسب، وما يترتب عن ذلك من هشاشة في الأجور، وحرمان جزئي أو كلي من التغطية الاجتماعية، بما فيها التغطية الصحية والتقاعد والتعويضات العائلية.

كما لفت إلى صعوبات تتعلق بغياب الفصل بين وقت العمل والحياة الخاصة، وغياب ضمانات كافية لحماية المعطيات الشخصية، إضافة إلى محدودية ولوج هذه الفئة من العاملين إلى آليات التمثيل النقابي والحوار الاجتماعي.

وفي هذا السياق، انتقد المجلس بطء تطور المنظومة القانونية والمؤسساتية، التي قال إنها لم تواكب بعد تنوع هذه الأشكال الجديدة من التشغيل، سواء من حيث درجات المرونة التي تقتضيها أو من حيث الاعتماد المكثف على الرقمنة في تنظيم العلاقة الشغلية.

ودعا المجلس، في رأيه، إلى بلورة إطار قانوني وتنظيمي يراعي خصوصيات هذه الأنماط الجديدة، ويضمن الحد الأدنى من شروط العمل اللائق، بما في ذلك الحماية الاجتماعية، الحق في التنظيم النقابي، والسلامة والصحة المهنية. 

كما شدد على ضرورة التفكير في نماذج مبتكرة لعقود العمل والتغطية الاجتماعية، تراعي المرونة دون التفريط في الحقوق الأساسية للأجراء.