اقتصادكم
يسير القطاع السياحي في المغرب خلال السنوات الأخيرة نحو دينامية متجددة، تستند إلى رؤية استثمارية ترتكز على إعادة تأهيل الفضاءات التراثية وتوسيع البنية التحتية المخصصة لاستقبال الزوار، وهذا التوجه يعكس الإرادة في جعل السياحة رافعة اقتصادية حقيقية، سواء من خلال المشاريع الفندقية أو من خلال المبادرات المرتبطة بالنقل الجوي والخدمات الثقافية.
وفي السياق ذاته، سجل المغرب خلال عام 2024 رقما قياسيا في عدد السياح الوافدين، بلغ 17.4 مليون سائح، ما يمثل زيادة بنسبة 20% مقارنة بسنة 2023. ووفق معطيات صادرة عن وزارة السياحة والصناعة التقليدية، فقد بلغت عائدات القطاع السياحي خلال السنة نفسها أكثر من 11.4 مليار دولار، في مؤشر على جاذبية المملكة وتنوع عرضها السياحي. ومع مطلع عام 2025، واصل القطاع منحاه التصاعدي، إذ استقبل المغرب 4 ملايين سائح خلال الربع الأول، بزيادة قدرها 22% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتسعى المملكة إلى بلوغ هدف استقبال 17.5 مليون سائح في أفق 2026، إلى جانب إحداث 200 ألف فرصة عمل جديدة في القطاع.
تأهيل عمراني
وحسب تقرير نشرته صحيفة "لاراثون" الإسبانية، فإن عددا من المشاريع الجديدة في مجال الإيواء السياحي قد رأت النور خلال الأشهر الماضية، أبرزها إعادة تأهيل معالم تاريخية بالعاصمة الرباط، وتحويلها إلى منشآت سياحية تجمع بين الطابع المعماري التقليدي ومتطلبات الضيافة العصرية. هذه المبادرات، التي استغرقت سنوات من الترميم، تجسد توجها وطنيا نحو دمج الموروث الثقافي في الدورة الاقتصادية من خلال سياحة راقية ومستدامة.
وفي مراكش، المدينة التي وصفت في التقرير ذاته بكونها من أبرز الوجهات السياحية في شمال إفريقيا، يستمر توسيع الطاقة الاستيعابية للقطاع الفندقي والبنيات المخصصة للأنشطة الثقافية والملتقيات الدولية. هذه الدينامية تعزز من موقع المدينة كمحطة رئيسية لتنظيم التظاهرات الكبرى واستقبال الوفود السياحية من مختلف الجنسيات.
وفي سياق دعم هذه الحركية، أورد التقرير نفسه، أن إطلاق خطوط جوية جديدة تربط بين مدينة مالقة الإسبانية وكل من الرباط ومراكش، يشكل جزءا مهما من خطة توسيع الربط الجوي بين الضفتين، وهذا الربط يسهم في تقليص زمن الرحلات وتسهيل تدفق السياح، مع توفير خيارات تنافسية من حيث التكلفة والخدمة، ما يعزز بدوره جاذبية المغرب كوجهة قريبة ومتنوعة.
آفاق واعدة
كما أبرز المصدر ذاته التحول الملحوظ في نوعية التجارب السياحية المطلوبة، حيث بات السائح يبحث عن الإقامة الأصيلة والانغماس في الثقافة المحلية.
وفي هذا الإطار، عرفت بعض المناطق القريبة من مراكش بروز نماذج إقامة بديلة مستوحاة من الطابع البدوي، تقدم تجربة متكاملة في قلب الطبيعة، من خلال خيام تقليدية مهيأة، وعروض فنية مستلهمة من التراث المحلي.
ووفقا للتقرير، يواصل المغرب ترسيخ مكانته كوجهة سياحية متعددة الأبعاد، تجمع بين تثمين التراث وتوسيع الربط الجوي وتنوع الخدمات، في أفق تحقيق تنمية سياحية مستدامة، تزاوج بين الجودة والتجدد، وتخدم في الوقت نفسه أهداف التبادل الثقافي والاقتصادي على ضفتي المتوسط.