قطاع الصحة يسطع في سماء بورصة الدار البيضاء

آخر الأخبار - 10-07-2025

قطاع الصحة يسطع في سماء بورصة الدار البيضاء

اقتصادكم 

 

في غضون خمس سنوات فقط، تحوّل قطاع الصحة من "الحلقة الأضعف" في بورصة الدار البيضاء إلى أحد أبرز القطاعات الواعدة والجاذبة للاستثمار. البداية كانت مع إدراج مجموعة "أكديطال"، التي حققت أداءً ماليًا لافتًا ورسّخت ثقة المستثمرين، قبل أن تأتي شركة "فيسين" (Vicenne) لتعزز هذا الزخم وتؤكد بروز القطاع كأحد أعمدة السوق.

فحسب جريدة "فينونس نيوز"، أكثر من 37 ألف مكتتب شاركوا في عملية إدراج "فيسين"، مع طلب تجاوز العرض بعدة مرات، رغم أن العملية بلغت 500 مليون درهم، حيث أكد المهنيون أن هذا الإقبال لا يرتبط فقط بالترويج الجيد للعملية من طرف البنوك، بل يعكس أساسًا متانة مقومات القطاع الصحية على المستويات الديمغرافية، والتنظيمية، والتكنولوجية.

القطاع الخاص يوسّع حضوره في منظومة العلاج

القطاع الخاص يعزز عامًا بعد عام موقعه في عرض الخدمات الصحية بالمغرب. بين سنتي 2020 و2024، ارتفع عدد المصحات من 375 إلى 453 مصحة، لتصل حصتها من الطاقة الاستيعابية الوطنية إلى 40%، مقابل 28% قبل أربع سنوات. وتواكب هذه الدينامية استثمارات ضخمة في مجالات عالية القيمة مثل: التصوير الطبي، البيولوجيا الجزيئية، والتصوير الإشعاعي التدخلي، وهي مجالات تحتل فيها "فيسين" مواقع استراتيجية.

في هذا السياق، تسير "فيسين" على خطى "أكديطال"، التي تستعد للتوسع في منطقة الشرق الأوسط، بينما ترسخ "فيسين" حضورها الإفريقي في كل من السنغال وكوت ديفوار، ما يجعلها خيارًا مفضلاً للمديرين الباحثين عن تنويع استثماراتهم على مستوى القارة.

التحول الديمغرافي يدعم الطلب على العلاج

يسجّل المغرب تحوّلاً ديمغرافيًا واضحًا: ارتفاع متوسط العمر وتراجع معدل الولادات، مما يغيّر شكل الهرم السكاني ويجعل الطلب على الرعاية الصحية في منحى تصاعدي مستمر. وفي استجابة لهذا الواقع، رفعت الدولة ميزانية قطاع الصحة من 16,3 مليار درهم سنة 2019 إلى 32,6 مليار درهم متوقعة بحلول 2025، أي بمعدل نمو سنوي يقارب %12,2. ورغم أن هذا لا يزال دون المعدلات المعتمدة في دول منظمة التعاون والتنمية (OCDE)، إلا أنه يشكل محركًا أساسيا للاستثمار.

التأمين الصحي الإجباري يخلق سوقًا مستقرة

كان لتعميم التأمين الإجباري عن المرض (AMO) تأثير كبير، حيث أصبح أكثر من 70% من المواطنين مشمولين بالتغطية الصحية، مما حوّل الطلب على الرعاية الصحية إلى سوق منظمة وقابلة للتوقع. كما أن الإصلاحات التنظيمية، مثل إحداث المجموعات الصحية الترابية، تُسهم في تحسين توزيع الموارد ووضوح السياسات العمومية.

يُضاف إلى ذلك مخطط "صحة 2025"، الذي رُصد له 24 مليار درهم، منها 14 مليارًا موجهة للبنية التحتية الاستشفائية، وهي موارد يُرتقب أن تعزز نشاط الموردين والمشغلين المدرجين في السوق المالية.

العرض الصحي لا يزال دون الحاجيات

رغم التقدم، لا يزال العرض الاستشفائي بعيدًا عن المعايير الدولية، إذ يبلغ عدد الأسرة 12,8 سريرًا لكل 10.000 نسمة، مقارنة بـ15 كمتوسط إقليمي (MENA)، و46 في دول الـOCDE. ولا تزال بعض الجهات، كجهة الداخلة وادي الذهب، تُعاني من خصاص كبير. هذا النقص يترجم إلى فرص استثمارية واضحة في التشييد والتجهيز والتكوين، وهو ما يبحث عنه المستثمرون الاستراتيجيون.

البورصة ترحب بقطاع الصحة

في السوق المالي، يجد قطاع الصحة مكانته بسبب ندرته وقدرته على تحقيق نمو مستدام. المستثمرون يفضلون الشركات التي تقدم مداخيل مستقرة قائمة على حاجيات هيكلية، وليس فقط على تقلبات ظرفية. رغم بعض الانتقادات التي طالت تقييمات أولية مرتفعة، إلا أن رؤية الأرباح على مدى طويل تجعل المستثمرين يقبلون على الشراء.

أداء سهم "أكديطال"، الذي بقي قويًا رغم اضطرابات الأسواق، دليل على أن الصحة في المغرب أصبحت توفّر ثلاثية النجاح لأي مدير محفظة: نمو طويل الأمد، وضوح الرؤية، وصلابة الأسس الاقتصادية.