اقتصادكم
أطلق المغرب أول مشروع لتكرير الليثيوم في خطوة محورية تهدف إلى إدماج المملكة بشكل أعمق في سلاسل توريد مكونات بطاريات السيارات الكهربائية، وتعزيز موقعها كمركز صناعي وتصديري نحو أوروبا وأميركا وأفريقيا.
يمثل المصنع الجديد، الذي تقوده شركتا "إل جي سوليوشينز" الكورية و"ياهوا" الصينية، استثمارًا إستراتيجيًا بقيمة تناهز 5.5 مليار درهم مغربي (نحو 550 مليون دولار) في مرحلته الأولى. وسيوفر المشروع أكثر من 430 فرصة عمل مباشرة ذات قيمة مضافة، كما سيدعم البنية التحتية للبحث العلمي والتطوير في الصناعات الخضراء داخل المغرب.
شراكات دولية وموقع تنافسي
يأتي هذا المشروع في سياق اهتمام دولي متزايد بإمكانات المغرب في قطاع المعادن الحيوية، لا سيما في ظل موقعه الجغرافي الإستراتيجي، وشبكة اتفاقياته التجارية المتقدمة، وتوفره على احتياطات مهمة من مواد أولية مثل الليثيوم والكوبالت والفوسفات. هذه العوامل مجتمعة تجعل من المغرب وجهة جذابة للاستثمار في سلسلة قيمة البطاريات الكهربائية.
المصنع الجديد يشكّل ركيزة في مسعى المغرب لبناء منظومة صناعية متكاملة حول الليثيوم، تشمل تكريره وتحويله إلى مركبات تستخدم في تصنيع البطاريات، مثل كربونات وهيدروكسيد الليثيوم، عبر عمليات استخلاص ومعالجة كيميائية دقيقة.
كما يأتي المشروع عقب تدشين شركة "كوبكو" الصينية أول وحدة صناعية لإنتاج مواد بطاريات الليثيوم أيون في منطقة الجرف الأصفر، باستثمار قدره مليارا دولار، وبطاقة إنتاجية سنوية تبلغ 40 ألف طن، ما يؤكد التوجه العام نحو تعزيز التكامل الصناعي في هذا المجال الحيوي.
تصنيف إستراتيجي
منحت اللجنة الوطنية للاستثمار المشروع صفة "إستراتيجي"، ما يتيح له الاستفادة من حزمة تسهيلات تشمل الدعم العقاري، والمواكبة التقنية والإدارية، فضلاً عن إدماجه في سلاسل الإنتاج الوطنية.
وفي هذا السياق، عبّر الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، كريم زيدان، عن ترحيبه بالشراكة الكورية-الصينية، مؤكدًا أن المشروع سيُسهم في ترسيخ موقع المغرب كقطب إقليمي في صناعة البطاريات، ويساعد في تسريع الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر.
هذا الاستثمار الضخم يعكس الرؤية المغربية في التحول نحو الصناعات النظيفة وتعزيز التنافسية في قطاعات الطاقة المتجددة والنقل المستدام. كما يشكل خطوة ملموسة ضمن رؤية شاملة تهدف إلى جعل المغرب فاعلًا محوريًا في الاقتصاد الأخضر العالمي، حيث يُعد الليثيوم عنصرًا حاسمًا في مستقبل التنقل الكهربائي.