اقتصادكم
أطلقت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة نداء وطنيا لتسليط الضوء على أهمية هذا النسيج المقاولاتي الحيوي في الاقتصاد الوطني، وللمطالبة بإقرار ميثاق وطني شامل ينصف هذه الفئة ويمنحها المكانة التي تستحقها، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، الذي يصادف 27 يونيو من كل سنة.
وأوضح تقرير الكونفدرالية، أن المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، تشكل أكثر من 98,4% من مجموع المقاولات، وتساهم بأكثر من 83% من مناصب الشغل، كما تلعب دورا محوريا في تعزيز التماسك الاجتماعي، وإدماج الشباب والنساء في سوق الشغل، وتحقيق التنمية المجالية، وتطوير الابتكار المحلي، والمساهمة في الانتقال البيئي. ورغم هذا الدور الأساسي، تواصل هذه المقاولات مواجهة صعوبات عميقة ومزمنة تعرقل مساهمتها الكاملة في التنمية الاقتصادية.
ومن أبرز التحديات التي تواجهها نجد صعوبة الولوج إلى التمويل بسبب الشروط الصارمة التي تفرضها البنوك، وغياب الضمانات، وارتفاع أسعار الفائدة. كما تعاني هذه المقاولات من ضعف كبير في استفادتها من الصفقات العمومية، رغم أن قانون سنة 2013 خصص لها نسبة 20%، غير أن غياب المراسيم التطبيقية جعل هذا الحق معطلا، مما يؤدي إلى خسائر تفوق 60 مليار درهم سنويا لفائدة شركات كبرى.
النظام الضريبي المعتمد يضيف بدوره عبئا ثقيلا على المقاولات الصغيرة جدا، خاصة بعد مضاعفة الضريبة المفروضة عليها خلال السنوات الأخيرة، دون مراعاة لمحدودية رقم معاملاتها. كما أن ضعف الرقمنة وغياب المواكبة الحكومية في هذا المجال، إلى جانب عدم استفادتها من ضريبة التكوين المهني، يزيد من تعميق الفجوة بين هذه المقاولات وحاجيات العصر.
في مواجهة هذا الوضع، قدمت الكونفدرالية مجموعة من المقترحات العملية التي من شأنها دعم هذه المقاولات وتحويل التحديات إلى فرص. من بينها إحداث بنك عمومي خاص بتمويل المقاولات الصغيرة جدا، يوفر قروضا ملائمة ومواكبة تقنية، إلى جانب إقرار نظام ضريبي مبسط يتماشى مع قدرات هذه المقاولات، وإعفاءات ضريبية مرحلية لفائدة الشركات الناشئة والمقاولات في وضعية صعبة.
كما دعت إلى تسريع رقمنة المقاولات الصغيرة جدا من خلال برامج دعم وتجهيز وتكوين، وإحداث منصات رقمية تربطها بالأسواق، وتنفيذ قانون الصفقات العمومية عبر إصدار المراسيم التطبيقية الضرورية، إلى جانب تعزيز التعاون بين المقاولات الكبرى والمقاولات الصغرى، واحترام آجال الأداء لتفادي الإفلاس الذي طال أكثر من 40 ألف مقاولة في سنة واحدة فقط.
وأكدت الكونفدرالية على ضرورة الاستثمار في التكوين والمواكبة، عبر شراكات مع مراكز التكوين وإحداث شبكة وطنية للموجهين، مع التركيز على التكوين في المهارات الرقمية والإدارية والمالية، باعتبارها دعامة أساسية لتطوير ريادة الأعمال في المغرب.
وفي ختام ندائها، طالبت الكونفدرالية بإطلاق ميثاق وطني حقيقي لصالح المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، تشارك في بلورته ممثليات هذه المقاولات بشكل فعلي، ووجهت رسائل واضحة إلى الحكومة والمؤسسات المالية والشركات الكبرى والمجتمع المدني والمواطنين، من أجل تعبئة وطنية شاملة تهدف إلى إنصاف هذه المقاولات باعتبارها العمود الفقري للاقتصاد الوطني وأداة أساسية لبناء مغرب أكثر شمولا واستدامة وازدهارا.