اقتصادكم
قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، إن "المحاكمة العادلة بالمغرب أسهمت في تقوية ضمانات العديد من المستجدات، في مقدمتها دستور المملكة الذي عمل على دسترة مجموعة من المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة، والذي نص بشكل صريح في الفصل 23 منه على أن قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان، وهو ما أعاد الدستور التأكيد عليه في الفصل 120 والذي نص على أن لكل شخص الحق في محاكمة عادلة وما هذا التأكيد إلا دليل على محورية ضمانات وشروط المحاكمة العادلة في مجال العدالة".
وأضاف الداكي، في الندوة الوطنية المنظمة حول موضوع: "العمل القضائي وضمانات المحاكمة العادلة في ضوء الدستور وتحديات الممارسة" بالمعهد العالي للقضاء بالرباط، أن المحاكمة العادلة والضمانات المتعلقة بها في الميدان الجنائي يعد من أهم الانشغالات الحقوقية في مختلف الدول وتتابعها العديد من الهيئات والآليات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان.
وأشار المتحدث ذاته، أن مصدر هذا الانشغال يأتي من كون مجال ونطاق المحاكمة العادلة يخص قضايا بالغة الدقة والخطورة، بالنظر لكونها تنصب على حقوق أصيلة وجوهرية، في مقدمتها الحق في الحياة والأمن والسلامة والحرية والكرامة الإنسانية باهتمام بالغ.
ولقد شاع تداول تعبير المحاكمة العادلة، حتى كادت تختزل في الميدان الجنائي فقط، وذلك بسبب آرتباطه في الأذهان بالمجالات ذات الصلة بالحرية وبتقييدها، علماً أن المحاكمة العادلة مطلوبة وضرورية في أي فرع من فروع العدالة، سواء كانت مدنية أو جنائية.
واستحضاراً للأهمية التي يحظى بها موضوع المحاكمة العادلة ضمن النقاشات القانونية والحقوقية، أردف الداكي، إلى أن أولى الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة اتخذ حيزاً هاماً لهذا الموضوع، إذ شكل تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة أحد الأهداف الفرعية المُكًونَة للهدف الرئيسي الخاص بتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات.
كما أشار الوكيل العام للملك، أن هذا الموضوع حظي بحيز وافر من النقاش ضمن الندوات الجهوية التي عرفها الحوار، حيث تم تخصيص ندوتين جهويتين على غير العادة لموضوع تطوير العدالة الجنائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة مما يعكس الأهمية القصوى التي يحظى بها هذا الموضوع في علاقته بالعدالة الجنائية.
وسعياً لإذكاء الوعي الحقوقي لدى قضاة النيابة العامة وتملكهم للمعايير الكونية المتعلقة بشروط المحاكمة العادلة، بادرت رئاسة النيابة العامة بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى اعتماد برنامج تكويني يستهدف تعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان حيث اشتمل هذا البرنامج على عدة وحدات للتكوين انصبت في جانب كبير منها على المبادئ الكونية للمحاكمة العادلة كما هو متعارف عليها دوليا بموجب الاتفاقيات والصكوك الدولية حيث استفاد من هذا البرنامج التكويني حوالي 922 قاض وقاضية من بينهم 203 مسؤولا قضائيا.
واختتم المتحدث ذاته، أنه "إذا كانت المحاكمة العادلة حديث الأمس فإنها ستظل حديث اليوم والغد أيضاً وذلك بالنظر لما تحمله من القيم والمبادئ الإنسانية الراقية التي أصبحت راسخة في الضمير الإنساني على مر عقود من الزمن، وناضلت الشعوب من أجل ضمان تكريسها دستوريا وقانونيا وقضائيا، كما ستظل نَذْراً يحمل فيه القضاة مهمة حمايتها وتكريسها وضمان تمتع الأطراف بظلالها".