الشطر الثاني عشر من الفصل : الشيطان موجود في التفاصيل للرواية أراضي الله

لايف ستايل - 13-03-2024

الشطر الثاني عشر من الفصل : الشيطان موجود في التفاصيل للرواية أراضي الله

اقتصادكم

 

لم تطلني الحياة بعد، لأني كنت مزيتا كما كان يقول حسن، كنت أنزلق من قبضتها، لا شيء يستطيع تغيير رأيي بالناس، كلهم أوغاد، ولكن هكذا أفضل، من الأفضل التعامل مع أبناء العاهرات الذين لا يخفون شيئا، عن التعامل مع مصاصي الدماء الذين يتظاهرون بالنزاهة، بالنسبة لي النزاهة لا تعني شيئا تحديدا أنا لا أثق بأولئك الذين يدعون النزاهة، في اعتقادي رجل خال من العيوب والعيوب الكبيرة أيضا، هو رجل لا يستحق الإهتمام ولا الصبر. 

كل أصدقائي كان لديهم رصيد من الأخطاء، بما يكفي لإعادة بيعها، حتى أن محيطنا يمنح تسهيلات في الرذيلة، وبجميع أنواعها، وخاصة بنكهة الكذب. لهذا كان آدم بطل العالم بلا منازع، ولا كلمة واحدة تخرج من فمه تحتمل الصدق، كان مبدعا وهو يحكي قصصا سخيفة، كنا نعرف أنها وهمية، ولكن لم نكن نستطيع إلا تصديقه، كان يطعّمها بالكثير من الاندفاع والحماس، لدرجة ننسى معها مصداقية الحدث المنقول، لكي نستمتع فقط بالطريقة التي تحكى بها. 

يستطيع آدم أن يجعلك تبتلع أي شيء. في أحد الأيام جعل جميع من في الحي يعتقد بأنه التقى السيد المسيحᴉ هذا ما كان ينقصناᴉ المسيح بشحمه ولحمهᴉ ينزل من صليبه لكي يتبول، كان يقول: " نعم، كان مشدوها لأني عرفته، حدثني قليلا عن مأساته، كما طمأنني عن مصير البشرية التي دافع عنها جيدا امام الله، ومع ذلك هناك أمور مازالت تقلقه " يقول: " نعم، كان منشغلا بقصة الحسنية لا زال لا يعلم كيف يقنع القوى العليا بصحة إيمانها. من رغبتها الشديدة في إسعاد الناس ". في الواقع حسنية كانت عينة عن المسيح بدون صليب. ما يصعب فهمه هناك في الأعلى، مادام الزعماء الكبار لشؤون الأرض يتحفظون أكثر بقليل على هذا النوع من القضايا. لكنه أسر لي بأن أخبر الطيبة بأن تطمئن. السيد المسيح واثق من قدرته على الإقناع. حسنية تستطيع النوم على الجنب الذي يريحها. هي من زمرة المختارين الذين سوف يعملون على إحياء السهرات بالجنة ". 

يسرد علينا آدم حكايته دون أن يطرف له جفن، بل يبدو مغتبطا بسحنة ذهبية ووجه مشرق. كنا نعلم بأنه لم يكن يسوع شخصيا بيديه اللتين مازالتا تقطران بالدماء هو من جاد عليه بتلك التجليات، بل كان صورة عنه، شخص التقاه تلك الليلةᴉ لكن آدم لم يقل كل شيء، هذه المسحة من الشك التي تبدو على الوجوه، تربكه قليلا. إذ لا يحب ذلك، " كيف تستطيعون التنكر لصوت الحق؟ يبلغكم عن طريقي بعضا من آيات ملكوته العظيم؟ ". هذا مؤسفᴉ وإذا كنتم تودون أن تعرفوا عنه المزيد، لأن هذا يصب في مصلحتكم، يجب أن تتحلوا ببعض التواضع. يستطيع عيسى المسيح أن يختار آخر مقمل لكي يبلغنا بواسطته، بعض أخبار العالم الآخر. كان يجب الوقوف الى جانب الرجل الطيب وهو يترنح لأسمع كل ما لديه، وأنتم تسخرون مني وتشككون بما أقولᴉ هذا الجحود سيدمركم يوما ما. في اعتقادي سوف ينتهي بكم الأمر مثل قوم داوود الذين لعنوا بسبب جحودهم وكفرهم والباقي تعرفونه. 

كان ترتيلا شبيها بالترتيل القرآني، هادئا جدا، مع مسحة من الحزن تضفي على القصة مزيدا من الحيوية. أن يحكي قصصا مثل هذه لم يكن بالنسبة له سوى ذريعة لأجل المحادثات الأخرى التي سوف يثيرها في المحيط العائلي، لأنه عندما نعود في المساء إلى المنزل، نفكر بالمسيح وهو يتجول في الطرقات التي تعج بالناس، وطبعا الحياة شغلتهم، لا يمكن أن يحسوا بمرور هذا المقدس الذي عاش لقرون عديدة معلقا إلى قطعة من الخشب. عبرت ذهني كل المدن التي مر بها قبل أن يلتقي بآدم، كل الوجوه المرتابة التي اقترب منها بلا جدوى لكي يهمس لها ببعض من حقيقته، يا لقدسية هذا المسيح، بالرغم من كل الأهوال التي عانى منها، ومازال مصرا على تخليص دبورنا القذرة. وقد اختار تحذيرنا هذه المرة بواسطة آدم، شيء مضحكᴉ لكن من يدري؟ محطات الصليب غريبة جدا.

مهما كانت الأسباب. آدم كان بمثابة الوسيط بيننا وبين الأسرار الخفية للعالم. لقد كان واعيا بذلك وكان متحمسا لخدمتنا. في نفس الأسبوع، حدث تجلي آخر تنزل من السماء لصديقي وابن جيراننا خالد الذي زعم أنه سافر في الملكوت بالروح دون الجسد، نعم، تلك الفجوة بين الروح والجسد، نفحات الفضاء الأثيري، جنيات مكافحة يقرصنك في أردافك (وهذه تفاصيل مهمة على ما يبدو) وجماعة من المخلوقات الهجينة التي تتكلم عبر العيون وتتغذى على الأصوات. انقض علي خالد غداة خروجي من الثانوية وهو يقول بأن لا أحد غيري سيصدقه. بعيون مشدوهة، سألته " طبعا، لكن ما الموضوع؟ " أكبر سفر في حياته، يجب تصديقه دونما جدال، هل تتخيل؟ لا أتصور ذلك، ولكن ما دمت رأيت ذلك، ماذا سأحكي؟ ثم ينطلق لساعتين يحكي حول زبور سفره بين عالمنا والحياة الحقيقية. 

ماذا به عالمنا؟ بالنسبة لي يبدو رائعا، فاسد بعض الشيء، وأحيانا كريه جدا، ربما، ولكني لا أرى من بديل، إنه تحديدا أفضل ما لدينا للعيش، أليس كذلك؟ ماذا يعتقد المسافر العظيم؟ ترهات ما يعتقد، ثم ينفجر خالد معقبا، أسمي هذا عالما، إنه مزبلة، مجرى لتصريف الحشرات المسرطنة، مكب النفايات الكبير الخاص بالإله، مجمع للأجنة الفاسدة، للقطاء لا معنى لحياتهم، هذا هو العالم حيث تعيش، صديقي، وإذا أردت نصيحتي عندما شخص مثلي يقضي ساعتين في انتظارك أمام مدرسة آكلي الجرذان الميتة هذه، يجب عليك أن تظهر بعض الاحترام لما أقوله لك، فهمت؟ جدا فهمتᴉ لماذا تتحامق نحن نتحدث فقط، أليس كذلك؟ اسمع ما أقوله لك واخرس قليلا، عيبك هو أنك تفكر كثيرا.

تظن بأنك لن ترى مطلقا نورا في الظلام، تظن بأنك تعرف كل شيء لأنك تخرج من بين تلك الجدران، لأنك تقضي الليالي في قراءة هذا البائس صاحب الشارب العريض، وتعتقد بأنك مثقف كفاية لأنك تعرفت إلى ملايين الكتب. ترهات كل ذلك. المعرفة الحقيقية اسرار وخفايا. ليست بحاجة إلى كتب ولا إلى موائد ولا إلى حمير تنهق، ولا إلى نتائج نهاية السنة الدراسية. أخبرني كل ما يجثم على صدرك لأني مستعجل. قلت له هذه الجملة بكل هدوء. 

 

يتبع..