اقتصادكم
عندما نالت المملكة المغربية، بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، شرف تنظيم كأس العالم 2030، لم يكن ذلك تتويجاً لمسار رياضي فحسب، بل محطة فاصلة في إعادة رسم صورة المغرب كقوة إقليمية صاعدة في عالم الرياضة، والتنمية، والدبلوماسية.
وراء الكواليس، يقف رجال استثنائيون، ليسوا بالضرورة نجوماً في الملاعب، لكنهم يخوضون معركة لا تقل شراسة، في دواليب القرار، وفي الاجتماعات الماراثونية، وفي تفاصيل لا تُرى على الشاشات. هؤلاء هم من يكتبون فصول حلم مغربي جديد، قوامه الطموح، والتخطيط، والإيمان بإمكانيات الوطن.
في هذه السلسلة، "رجال يحملون على عاتقهم إنجاح مونديال 2030"، نغوص في بورتريهات لشخصيات محورية تقود من الصفوف الأمامية هذه الملحمة التاريخية. نفتح ملفاتهم، نتتبع مساراتهم، نقرأ ملامحهم، ونرصد التحديات الكبرى التي يواجهونها لإنجاح كأس العالم بثلاث قارات وثقافات وطموحات.
نفتتح هذه السلسلة باسم أصبح مرادفاً لكرة القدم المغربية الحديثة: فوزي لقجع.
الحلقة الأولى: فوزي لقجع.. عرّاب التحول الكروي وقائد مشروع مونديال 2030
بورتريه: من بركان إلى الفيفا.. قصة رجل حوّل كرة القدم إلى مشروع دولة
ولد فوزي لقجع سنة 1970 بمدينة بركان، في أسرة متوسطة، تشبّع منذ طفولته بقيم الانضباط والاجتهاد. التحق بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، الذي تخرج منه بشهادة مهندس زراعي، وانضم بعد ذلك لوزارة الفلاحة، قبل أن يكمل دراسته بالمدرسة الوطنية للإدارة التي كانت سببا في بداية عمله بالمفتشية العامة للمالية، وتدرج في مناصب عليا بوزارة المالية، حتى أصبح وزيراً منتدباً مكلفاً بالميزانية.
لكن اسمه سطع بشكل خاص من بوابة كرة القدم. منذ توليه رئاسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم سنة 2014، أحدث لقجع ثورة هيكلية شاملة في تدبير اللعبة، من التكوين إلى البنيات التحتية، ومن الحكامة إلى التمثيلية الدولية.
يُعرف بأنه شخصية صلبة، صارمة في التفاوض، دقيقة في التفاصيل، وطموحة إلى أقصى الحدود. له حضور قوي في المحافل الدولية، حيث يشغل منصب عضو المكتب التنفيذي لـ"الفيفا"، ونائب رئيس "الكاف"، ما جعله فاعلا دولياً مؤثراً في قرارات كرة القدم العالمية.
نجح لقجع في إعادة بناء سمعة الكرة المغربية، وتوّج ذلك بإنجازات غير مسبوقة، على رأسها التأهل التاريخي لأسود الأطلس إلى نصف نهائي مونديال قطر 2022، واستضافة كأس إفريقيا للسيدات، ونهائي دوري أبطال إفريقيا، وتأمين شراكات استراتيجية مع اتحادات قارية.
كما ساهم بشكل كبير في بزوغ نجم فريق نهضة بركان الذي كان يرأسه، فأصبح رقما صعبا وطنيا وقاريا وتوج بألقاب عديدة، كما كان للقجع فضلا كبيرا على تألق الأندية المغربية في المنافسات القارية.
قائدٌ في قلب التحدي ومسارٌ مهني حافل بالإنجازات
يُعتبر فوزي لقجع من أبرز الشخصيات الرياضية في المملكة، حيث يتولى مسؤولية تنظيم كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال وتُوكل إليه مهمة الإشراف على تحضيرات هذا الحدث الرياضي الضخم، الذي يُنتظر أن يُشكل نقلة نوعية في تاريخ الرياضة المغربية.
قبل توليه رئاسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، شغل لقجع عدة مناصب هامة، أبرزها:
- عمل في المفتشية العامة للمالية ثم أصبح رئيسًا لشعبة المجالات الإدارية لمدة ثلاث سنوات
- شغل منصب مدير ميزانية الدولة في وزارة المالية بعد أن قضى سبع سنوات في قسم الزراعة والمقاصة
- عين مديرًا لميزانية الدولة في وزارة المالية في يناير 2010
- أصبح رئيسًا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في عام 2014
- تم انتخابه عضوًا في مجلس FIFA في 12 مارس 2021
- تم تعيينه وزيرًا منتدبًا لدى وزارة المالية مكلفًا بالميزانية في 7 أكتوبر 2021
- تم انتخابه نائبًا أول لرئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم في 26 أبريل 2025
المسؤوليات الملقاة على عاتقه
تتمثل أبرز مسؤوليات فوزي لقجع في الإشراف على تحضيرات كأس العالم 2030 وضمان جاهزية البنية التحتية والمرافق الرياضية وتنسيق الجهود بين الدول الثلاث المغرب وإسبانيا والبرتغال لضمان نجاح الحدث وإدارة الموارد المالية من خلال تأمين التمويل اللازم وتنظيم الشراكات مع القطاعين العام والخاص بالإضافة إلى ضمان الامتثال لمتطلبات الاتحاد الدولي لكرة القدم.
تحديات في طريق مونديال 2030
رغم الإنجازات المحققة، يواجه لقجع تحديات عدة، أبرزها:
- ضمان التمويل المستدام: تأمين الموارد المالية اللازمة لتنفيذ المشاريع الضخمة
- التنسيق بين الدول الثلاث: تجاوز العقبات السياسية والإدارية لضمان التعاون المثمر
- تحقيق المعايير الدولية: ضمان جاهزية الملاعب وتطوير بنية تحتية رياضية ومرافق تلبي المعايير العالمية في وقت قياسي
- إدارة التوقعات العامة: مواكبة تطلعات الجمهور وتلبية احتياجاته
- ضمان التوازن بين الأهداف الرياضية والتنموية
- مواجهة ضغوط اللوبيات الدولية، ومواكبة تطلعات المغاربة المنتظرة