مشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا-المغرب يفتح آفاق خفض تكلفة الطاقة بـ30%

ملفات خاصة - 30-06-2025

مشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا-المغرب يفتح آفاق خفض تكلفة الطاقة بـ30%

اقتصادكم - حنان الزيتوني

 

في خضم التحولات المتسارعة في سوق الطاقة العالمية، يبرز مشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا–المغرب كأحد المشاريع الكبرى ذات البعد القاري، ليس فقط لما يحمله من دلالات استراتيجية في تأمين الطاقة، بل أيضا لما ينطوي عليه من انعكاسات اقتصادية وتجارية واسعة تشمل المغرب ودول غرب إفريقيا.
 
ويمتد المشروع على مسافة تناهز 5600 كيلومتر، عابرا لأكثر من 13 دولة إفريقية، ما يجعله واحدا من أطول خطوط الغاز في العالم، وينظر إليه باعتباره نقلة نوعية في التعاون الإفريقي جنوب-جنوب، وفرصة نادرة لتحفيز التكامل الاقتصادي في المنطقة. وبين الطموحات الطاقية والفرص التجارية، يطرح المشروع تساؤلات كثيرة حول حجم تأثيره المحتمل، خاصة على المدى المتوسط والبعيد.

مشروع استراتيجي بعمق قاري

وفي هذا السياق، يرى عبد الصمد ملاوي، أستاذ باحث بجامعة السلطان مولاي سليمان، أن المشروع يعد من بين أكبر المشاريع الاستراتيجية في القارة الإفريقية، ويحظى باهتمام خاص من المملكة المغربية لما له من أبعاد تتجاوز مسألة تزويد السوق المحلية بالغاز.

وأضاف ملاوي في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن "نيجيريا، باعتبارها واحدة من أبرز منتجي الغاز الطبيعي في القارة، تعد شريكا واعدا، حيث تنتج ما يقارب 210 مليار متر مكعب سنويا، وتصنف كثاني أكبر اقتصاد في إفريقيا بناتج محلي إجمالي يناهز 514 مليار دولار حسب أرقام 2023". هذا المعطى، بحسب ملاوي، يبرز الإمكانات الكبيرة للتعاون المغربي-النيجيري على مستوى الطاقة والتبادل الاقتصادي.

تقليص التبعية الطاقية 

وأوضح الخبير الطاقي أن المغرب يستورد حاليا معظم احتياجاته من الغاز الطبيعي من السوق الدولية، إذ بلغت الواردات حوالي 4 مليارات متر مكعب سنة 2022، ما يعني أن المشروع قد يساهم في تقليص التبعية الطاقية وخفض التكاليف المرتبطة بالاستيراد، خاصة مع تزايد تقلبات السوق بسبب النزاعات الدولية.

وأفاد الخبير ذاته أن غرب إفريقيا تتوفر على احتياطات ضخمة من الغاز تقدر بنحو 600 تريليون قدم مكعب، وهو ما يمنح للمغرب فرصة استراتيجية لتأمين وارداته من الطاقة على المدى الطويل، في إطار أكثر استقرارا وأقل عرضة للضغوط الدولية.

دينامية تجارية عابرة للحدود

وحول الانعكاسات التجارية الأوسع، أكد ملاوي أن مرور خط الأنابيب عبر 13 دولة سيساهم في تحفيز دينامية اقتصادية إقليمية جديدة، من خلال تعزيز البنية التحتية المشتركة، مثل محطات معالجة المياه، الشبكات الكهربائية، وأنظمة المراقبة الأمنية، إلى جانب العوائد المباشرة التي ستجنيها الدول من رسوم العبور وبيع الغاز.

وأشار إلى أن هذه التطورات ستفضي بالضرورة إلى زيادة في التبادلات التجارية بين الدول المعنية، نتيجة لتحسن الربط الطاقي والبنية التحتية، ما سيخلق فرصا جديدة لجذب الاستثمارات وتطوير قطاعات مكملة، مثل اللوجستيك والخدمات الصناعية المرتبطة بالطاقة.

وأكد ملاوي أن المشروع، إذا نفذ وفق تصور استراتيجي، قادر على تخفيض تكلفة الطاقة في المغرب بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30%، ما سينعكس إيجابا على القدرة التنافسية للصناعة الوطنية.

كما توقع أن يساهم المشروع في رفع الناتج المحلي الإجمالي للمغرب ودول غرب إفريقيا بنحو 1 إلى 2 نقطة مئوية على الأقل خلال العشر سنوات الأولى من استغلاله، بالنظر إلى الامتداد الزمني الطويل للمشروع والذي قد يفوق 25 سنة من التشغيل الفعلي.