اقتصادكم - حنان الزيتوني
في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها النظام التجاري العالمي، يواجه المغرب عدة تحديات في سعيه لتعزيز موقعه الاستراتيجي عبر المبادرة المغربية لولوج دول الساحل للمحيط الأطلسي. هذا المشروع الطموح الذي يهدف إلى ربط دول الساحل وغرب إفريقيا بالسواحل الشرقية لأمريكا اللاتينية، ليس مجرد فرصة اقتصادية بل يحمل في طياته تعقيدات جيوسياسية وتجارية تتطلب تهيئة بيئة ملائمة للتنمية والتكامل بين قارتين بعيدتين جغرافيا. من بين هذه التحديات، ضرورة تنويع الشركاء الاقتصاديين دون إهمال الأسواق التقليدية، بالإضافة إلى استغلال الموقع الجغرافي للمملكة في الواجهة الأطلسية كمركز عبور، وسط تنافس دولي متصاعد.
فرص وتحديات
وفي هذا السياق تشير المؤشرات الجيوسياسية، إلى وجود فرص تجارية واعدة بين المغرب ودول أمريكا اللاتينية مثل البرازيل والأرجنتين وتشيلي، لكن هذه الفرص مصحوبة بإشكاليات تتعلق بتركيبة السلع المتبادلة والتكامل اللوجستي.
فقد بلغت صادرات المغرب إلى أمريكا الجنوبية في 2023 نحو 1.2 مليار دولار، مع اعتماد كبير على قطاع الأسمدة، حيث تمثل البرازيل أكبر مستهلك للفوسفاط المغربي.
لكن توسيع التبادل في القطاعات الفلاحية يحتاج إلى مواجهة تحديات تنظيمية ولوجستية، خصوصا مع ارتفاع الطلب على منتجات اللحوم والحبوب، والخضر والفواكه، علاوة على ضرورة استغلال ميناء الداخلة الأطلسي المنتظر ليكون بوابة بحرية فعالة تسهم في تقليص زمن وكلفة الشحن.
وفي تعليقه على هذه التحولات، أكد المحلل الاقتصادي عبد الخالق التهامي أن "تموقع المغرب على الواجهة الأطلسية يؤهله للعب دور جسر تجاري بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية، لكن هذا الدور يتطلب استراتيجيات متكاملة لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية".
وأضاف التهامي في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن "مشروع الربط الأطلسي يشكل فرصة حقيقية لتنويع الشركاء التجاريين، خاصة أن السوق اللاتينية لم تحظ بالاهتمام الكافي في السابق رغم أهميتها الكبيرة".
مجالات مستقبلية
وأبرز المحلل الاقتصادي الحاجة إلى تعزيز التعاون في القطاع الفلاحي، الذي يشهد طلبا متزايدا من الجانبين، إضافة إلى القطاعات الحيوية مثل تربية المواشي والطاقة والفوسفاط، مشيرا إلى أن "البرازيل من أكبر مستهلكي الأسمدة المغربية".
وشدد التهامي، على أهمية فتح آفاق جديدة في القطاع السياحي، معتبرا أن إطلاق الخط الجوي المباشر بين الدار البيضاء وريو دي جانيرو خطوة إيجابية لتعزيز التبادل الثقافي والسياحي. أما بالنسبة للمجالات المستقبلية، فأشار إلى أن "الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا يمثلان فرصا واعدة في أمريكا اللاتينية، ويمكن للمغرب أن يلعب دورا محوريا فيهما، شرط توافر دعم حكومي واضح واتفاقيات تعاون فعالة مع دول المنطقة، إلى جانب تجهيز القطاع الخاص للانخراط في مشاريع مشتركة للتشغيل والتطوير".