اقتصادكم
شهدت ظاهرة المراهنات غير القانونية تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، إذ كانت في السابق نشاطًا هامشيًا، قبل أن يجذب الجريمة المنظمة على مدى أكثر من 15 سنة، متجاوزا الجرائم التقليدية مثل تجارة المخدرات وتهريب البشر وغسيل الأموال على جميع القارات.
وفي إطار تنفيذ اتفاقية مكافحة التلاعب في المسابقات الرياضية (اتفاقية ماكولين)، نظم مجلس أوربا أمس الثلاثاء في الرباط، بالتعاون مع الشركة المغربية للألعاب والرياضة (MDJS)، ندوة خصصت لمكافحة المراهنات غير القانونية. وفي شتنبر 2019، دخلت الاتفاقية المذكورة حيز التنفيذ. ووفقًا للمادة 3 منها، يتم تعريف "الرهان الرياضي غير القانوني" على أنه أي نشاط للمراهنة على الرياضة لا يُسمح به من حيث النوع أو المشغل بموجب القانون المعمول به في السلطة القضائية، حيث يتواجد المستهلك.
وفي افتتاح هذا المؤتمر، أكد شكيب بن موسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أنه إلى جانب المنظمات المهنية والهيئات الرياضية الدولية، تسعى عدة دول إلى مكافحة هذه الظاهرة سواء على المستوى الجماعي أو الفردي. وقال: "إنها في المقام الأول اتفاقية ماكولين، وهي الأداة القانونية الدولية الوحيدة لمكافحة التلاعب في المسابقات الرياضية. تم توقيع هذه الاتفاقية التي أفتخر بأنني وقعتها نيابة عن المغرب في شتنبر 2021، وهي في طور التصديق، وتمثل أداة متكاملة وفريدة في عملية مكافحة التلاعب بالمسابقات. وتتضمن أيضًا آليات مهمة لتبادل المعلومات بين السلطات العامة المختصة والهيئات الرياضية ومشغلي المراهنات الرياضية، بما في ذلك إنشاء منصة وطنية تضم جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك قوى الأمن والسلطة القضائية، والجهات المعنية بمكافحة غسيل الأموال."
من جهتها، أوضحت كارمن مورتي غوميز، رئيسة مكتب مجلس أوربا، أنه رغم كل ما تم فعله لتعزيز النزاهة، "هناك مشكلات ما زالت تحتاج إلى حل، مثل الفساد والاحتيال وغسيل الأموال والجريمة المنظمة، وبالطبع المراهنات الرياضية غير القانونية، وهي آفة تمس العالم وتتعلق بجميع الرياضات. ولكن النزاهة تضعف في الأماكن التي يُسمح فيها للشك أن يتأصل. لذلك نحتاج إلى مشاركة جميع الجهات المعنية لمواجهة التحديات، مثل الجهات الوطنية والدولية، والسلطات العامة في مجال الرياضة، والقطاع الخاص، بالإضافة إلى المجتمع المدني."
ويستهدف هذا المؤتمر التوعية والحصول على التزام نشط من الأطراف المعنية في واحدة من أهم وأكثر التحديات الحالية والحرجة في مكافحة التلاعب في المسابقات الرياضية. بالإضافة إلى وضع خطة عمل تشغيلية أولية للجهود المشتركة ضد المراهنات غير القانونية.
ومن جهتها، تعتبر إيزابيل فالك بيروتين، رئيسة منتدى مراقبي القمار الأوربي (GREF)، أن مكافحة العروض غير القانونية، وبخاصة عروض المراهنات الرياضية، هي أولوية في جميع الاختصاصات، حيث أن العروض غير القانونية تقوض أسس التنظيم نفسه. وقالت: "وسائل مكافحة هذا العرض غير القانوني متنوعة، ولا يكفي وسيلة واحدة. في أوروبا، نرى مزيجًا من كل ما يسمح بعزل هذا العرض غير القانوني."
ومع ذلك، تعتقد رئيسة المنتدى أن هذا الجهد في مكافحة العروض غير القانونية سيكون له الكثير من الفائدة من خلال التعاون الدولي. "يمكننا توحيد جهودنا فيما يتعلق بإعداد قائمة سوداء للمشغلين غير القانونيين والعمل معًا فيما يتعلق بالرعاية. هناك بالفعل العديد من الدول الأوربية التي تملك أندية كرة قدم ترعى مشغلين غير قانونيين في بلدها. ومن واجبنا تحسين مستوى التوعية لدى اللاعبين والرياضيين، لأن العديد من المراهنين اليوم ليسوا حتى على علم بأنهم يراهنون على عروض غير قانونية ولا يدركون بالضرورة المخاطر المترتبة على هذه السلوكيات، مثل عدم وجود ضمان لدفع الأرباح أو مخاطر معالجة البيانات الشخصية."
تقدر حاليًا الإنفاق السنوي على المراهنات الرياضية بحوالي 140 مليار دولار. هذه البيانات تثير القلق، ولهذا صاغ المتحدثون مجموعة من التوصيات بهدف مكافحة آفة المراهنات غير القانونية في الرياضة، منها تنظيم السوق والمراهنات الرياضية بقوانين صارمة، والتعاون وتبادل المعلومات بين الأطراف المعنية، والإبلاغ عن الحالات المشبوهة، حجب عناوين "آي بي" IP، وكذا حظر الإعلان عن المراهنات غير القانونية وتشريع صارم في هذا الشأن، وتوعية المستهلك بالمخاطر المحتملة المتعلقة بالمراهنات.