اقتصادكم
لم تعد سوق السيارات في المغرب كما كانت قبل سنوات قليلة، إذ يشهد هذا القطاع الحيوي تحولا متسارعًا يعكس إعادة رسم موازين المنافسة بين الفاعلين الدوليين، في ظل صعود لافت للشركات الصينية التي باتت تنافس بجدية العلامات الأوروبية التقليدية.
وكشفت منصة “الطاقة” المتخصصة أن سوق السيارات في المغرب تعرف تحولا هيكليا واضحا، بعدما انتقلت العلامات الصينية من وضع “الوافد الجديد” إلى فاعل رئيسي يفرض نفسه بقوة، مستندة إلى مزيج من الأسعار التنافسية، والتكنولوجيا الحديثة، وسرعة التكيف مع متطلبات المستهلك المغربي.
وتابعت المنصة المتخصصة أن شركة “بي واي دي” (BYD) تمثل النموذج الأبرز لهذا التحول، باعتبارها العلامة الصينية الأكثر ترسخًا في السوق المغربية، وواحدة من العلامات القليلة التي تعتمد سياسة شفافية عبر نشر بياناتها الشهرية، ما يعكس ثقتها في مسارها التصاعدي.
وذكرت “الطاقة” أن مبيعات “بي واي دي” سجلت خلال يونيو 2025 نموا سنويًا استثنائيا بلغ 3645.5%، ما مكنها من القفز خمسة مراكز دفعة واحدة، والاستقرار في المرتبة الثالثة عشرة ضمن حصة السوق، في مؤشر قوي على اختراق سريع وغير مسبوق.
وأضافت أن الشركة واصلت أداءها التصاعدي خلال يوليوز، محققة نموًا تجاوز 5000%، لتبلغ لأول مرة المركز الحادي عشر، قبل أن تصل مبيعاتها إلى نحو 275 وحدة في نونبر، بزيادة سنوية قدرها 83%، ما يؤكد أن هذا الصعود ليس ظرفيًا بل يعكس طلبًا مستدامًا.
ولفت التقرير إلى أنه، رغم استمرار العلامات الأوروبية مثل “داتشيا” و“رينو” في تصدر المبيعات الإجمالية، فإن الشركات الصينية تعد من بين الأسرع نموًا داخل السوق، مستفيدة من توسيع قاعدة الزبناء الباحثين عن بدائل تجمع بين السعر والجودة والتجهيزات الحديثة.
وأشار إلى أن إجمالي مبيعات السيارات الجديدة بالمغرب بلغ خلال نونبر 2025 حوالي 21 ألفًا و603 وحدات، بنمو سنوي قدره 36.5%، ما مكن السوق الوطنية من تجاوز حاجز 200 ألف سيارة مباعة قبل نهاية السنة، لأول مرة في تاريخها.
كما أورد المصدر عينه أن السوق المغربية لم تعد حكرًا على اسم واحد، إذ دخلت علامات صينية أخرى بقوة، من بينها “شيري”، و“جيلي”، و“شانغان”، و“هافال”، إضافة إلى العلامات الصاعدة “أومودا” و“جايكو”، في توسع يعكس ثقة متزايدة في إمكانات السوق.
وأكد أن العلامات الصينية باتت تمثل ما بين 25% و30% من تسجيلات السيارات الجديدة خلال سنة 2025، بعد أن كانت حصتها هامشية قبل سنوات قليلة، مع تسجيل تقدم لافت في فئة السيارات الرياضية متعددة الاستعمالات (SUV) الصغيرة.
وزاد التقرير أن التفوق الصيني لا يقوم على عامل السعر فقط، بل يرتكز بشكل أساسي على الريادة في قطاع السيارات الكهربائية والهجينة، حيث تفرض الشركات الصينية هيمنتها شبه الكاملة، في انسجام مع التوجه الحكومي المغربي نحو التنقل الأخضر.
وأضاف أن هذا التوجه يتقاطع مع الطموحات الصناعية للمغرب، الذي ينتج حاليًا أكثر من 700 ألف سيارة سنويا عبر مصانع “رينو” و“ستيلانتيس”، ويسعى إلى استقطاب استثمارات صينية ضخمة في مجال بطاريات السيارات الكهربائية.