اقتصادكم
أظهرت معطيات جديدة، تنامي اعتماد الأسر على القروض الاستهلاكية في تمويل حاجياتها، إذ بلغت قيمة هذه القروض 57.5 مليار درهم، أي 5750 مليار سنتيم، متم أبريل الماضي، بارتفاع نسبته 2.6 % مقارنة مع السنة الماضية. الأمر الذي انعكس سلبا على ملاءتها المالية وقدرتها على سداد ديونها، ليقفز إجمالي قيمة القروض معلقة الأداء بالنسبة إلى هذه الفئة من زبناء البنوك إلى 36.9 مليار درهم، أي 3690 مليار سنتيم.
هذه المعطيات كشفت عن أزمة في تدبير الأسر لميزانياتها، وخللا هيكليا في قدرتها على تمويل احتياجاتها على النحو الصحيح، أو بالأحرى قدرتها على الادخار في مرحلة متقدمة. دوامة القروض عصفت بالأسر بسبب تقارب الرهانات المالية التي تواجهها. فبعد تمويل استهلاك رمضان، وجدت الأسر نفسها في مواجهة رهان تمويل عيد الأضحى والعطلة الصيفية، ومباشرة بعد ذلك، تمويل التسجيل في الموسم الدراسي الجديد، الأمر الذي يظهر حاجة ماسة إلى "كوتشينغ مالي"، وهو خدمة جديدة تساعد الأسر والأفراد على تدبير شؤونه المالية.
الرهانات المالية المتقاربة لم تترك للأسر حلا سوى الاقتراض، والاستمرار في الارتماء بأحضان المؤسسات الائتمانية، التي تنفق ملايين الدراهم على الحملات الإشهارية من أجل توسيع قاعدة زبنائها، وتستغل ظروف الزبناء وحاجتهم، لتقييدهم بعقود إذعان تتضمن مجموعة من البنود المجحفة. والملاحظ أنه رغم ارتفاع معدلات الفائدة على القروض، بعلاقة مع رفع معدل الفائدة الرئيسي من قبل بنك المغرب، ما زالت الأسر تستغرق في الاقتراض من شهر إلى آخر.
وفي ظل قلة الدراسات التحليلية حول القدرة الشرائية للأسر، ظهر استطلاع مشترك بين "سينرجيا" و"ليكونوميست"، حمل مجموعة من النتائج التي توفر رؤية أوضح حول الوضعية المالية والاستهلاكية للأسر المغربية في ظل الأزمة، إذ اضطرت نسبة 57 % من (الأسر) إلى خفض ميزانية مشترياتها "القفة" إلى النصف، بسبب التضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية، فيما أكدت نسبة 30 % محافظتها على مستوى الإنفاق نفسه، مقابل 10 % اعترفت بلجوئها إلى رفع ميزانيتها من أجل تغطية مشترياتها.
وأظهر توزيع نسبة الذين صرحوا بتخفيض ميزانيتهم إلى النصف بين الرجال والنساء، على التوالي، إلى 57 % و58، فيما ظهر التباين جليا في صفوف المحافظين على مستوى الانفاق ذاته، إذ تفوق الرجال (34 %) مقابل 27 % بالنسبة إلى النساء.
في المقابل، صرحت نسبة 12 % من النساء برفع ميزانيتها من اجل تغطية مشترياتها، في مواجهة نسبة لا تتجاوز 7 % من الرجال، فيما تركز الموقف المتمثل في تخفيض ميزانية "القفو" بشكل كبير في صفوف الشباب المراوحة أعمارهم بين 35 سنة و44 (66 %)، وبين 25 سنة و34 (62 %).
وحسب نتائج الاستطلاع ذاته، فالفئة التي صرحت بتخفيض مستوى ميزانيتها، تركزت في المجال العمري بين 45 سن و54، وكذا 65 سنة وما فوق، لتستقر على التوالي، عند نسبة 59 % و57. أما الفئة العمرية بين 55 سنة و64، فكانت الأكثر تصريحا بالمحافظة على مستوى الإنفاق ذاته (45 %).
من خلال ما سبق، يظهر أن القدرة الشرائية للأسر على المحك، في ظل تنامي استهلاكها وارتفاع أسعار المنتوجات التي تعتمد عليها، ومواصلتها مسار الاقتراض من أجل تغطية الاستهلاك، فيما تفاقم المناسبات الاستهلاكية المتقاربة وضعيتها المالية، وترفع حجم مديونيتها، خصوصا لفائدة البنوك.