أزمة التقاعد تضغط على مالية الصناديق بالمغرب وسط دعوات لإصلاح جذري وعادل

الاقتصاد الوطني - 19-07-2025

أزمة التقاعد تضغط على مالية الصناديق بالمغرب وسط دعوات لإصلاح جذري وعادل

اقتصادكم - حنان الزيتوني

يعود ملف التقاعد إلى واجهة النقاش وسط تصاعد القلق بشأن مستقبل الصناديق التقاعدية، التي تعاني من اختلالات هيكلية ومالية. هذا الملف، الذي طالما تم تأجيل حسمه، يضع اليوم الحكومة والنقابات والفاعلين الاقتصاديين أمام مفترق طرق، بين ضرورة الحفاظ على توازنات الصناديق، وضمان حقوق المتقاعدين في العيش الكريم، في ظل معاشات تعتبر اليوم دون الحد الأدنى للكرامة، بحسب توصيفات العديد من المهتمين.

غياب الشفافية


ويرى خبراء الاقتصاد أن الحديث عن إصلاح أنظمة التقاعد يظل ناقصا ما لم يلامس لب المشكل، أي ضعف الحكامة وغياب الشفافية في تدبير أموال المنخرطين. وبينما تطرح كل مرة مسألة "إفلاس وشيك" و"عجز مالي متفاقم"، تغيب عن النقاش العمومي تساؤلات جوهرية حول طبيعة الاستثمارات، وكيفية توجيهها، وهل تدار بالفعل وفق المعايير المهنية التي تحفظ أموال المتقاعدين؟ هذه الأسئلة تبقى، وفق المتابعين، معلقة منذ سنوات دون أجوبة مقنعة.

وفي هذا السياق، أعرب عبد الرحيم هندوف، نقابي ورئيس الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة، عن قلقه من المقاربة السائدة في معالجة أزمة التقاعد، حيث شدد على أن التركيز على بعض الإجراءات الظرفية لا يحل المشكل من جذوره. 

الإعفاءات والتخفيضات الضريبية


واعتبر النقابي ذاته في اتصال مع "اقتصادكم"، أن معالجة العجز من بوابة الإعفاءات أو التخفيضات الضريبية، حتى وإن بدت إيجابية، فهي لا تلامس إلا شريحة ضئيلة من المتقاعدين، في وقت يحتاج فيه أغلبهم إلى زيادات حقيقية في معاشاتهم، وليس إلى تدابير تخفيفية محدودة الأثر. بالنسبة له، الحل يكمن في إصلاح شامل ينطلق من تحسين مستوى المعاشات وتوزيعها بعدالة.

وأضاف مؤكدا أن النقابات تعبر عن رفضها لأي إصلاح يأتي على حساب الفئات الهشة، وتؤكد أن أي خطوة لا ترتكز على مبدأ الإنصاف الاجتماعي مآلها الفشل.

وتبع قائلا: "في ظل ارتفاع كلفة المعيشة وتآكل القدرة الشرائية، تغدو زيادة المعاشات ضرورة ملحة وليست مجرد خيار سياسي. كما أن تجاهل مسألة الحوكمة وتدبير الأصول يهدد بتكرار نفس الأخطاء السابقة، التي راكمت العجز وأفقرت المتقاعدين".

اجتماع الحكومة الأخير 


وقد جاء الاجتماع الأخير الذي ترأسه رئيس الحكومة يوم الخميس 17 يوليوز الجاري، بحضور ممثلي النقابات والقطاع الخاص والوزراء المعنيين، ليجسد إدراك الدولة بمدى استعجالية الملف. الاجتماع، الذي خصص لتحديد منهجية العمل المقبلة، حمل إشارات إلى وجود توافق على ضرورة تبني مقاربة شمولية. لكن الرهان الحقيقي، حسب المهتمين، هو في ترجمة هذا التوافق إلى خطوات ملموسة تعيد الثقة في مستقبل التقاعد، وتقطع مع منطق الحلول المؤقتة.