ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء.. والأعلاف في قفص الاتهام

الاقتصاد الوطني - 19-11-2025

ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء.. والأعلاف في قفص الاتهام

اقتصادكم- عبد الصمد واحمودو
 

عاد النقاش في الأوساط الفلاحية مرة أخرى حول غلاء أعلاف الماشية، بعد أن سجلت “النخالة” ارتفاعا غير متوقع في ثمنها بين ليلة وضحاها.إذ لم يستبشر الفلاحون خيرا بصرف الدعم المباشر لفائدة مربي الماشية في إطار برنامج إعادة تكوين القطيع الوطني، الهادف إلى إعادة توازن الإنتاج الحيواني الوطني، حتى اصطدموا بزيادة مفاجئة وغير مبررة في ثمن كيس “النخالة” بعد حصولهم على الدعم.


لم تمر هذه الزيادة الجديدة في الأعلاف مرور الكرام، حيث خلفت امتعاضا كبيرا في صفوف الفلاحين ومربي الماشية، الذين عبروا عن ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال نشر مقاطع فيديو تمت مشاركتها على نطاق واسع، منادين بمقاطعة “النخالة” كتعبير عن رفض الزيادة في سعرها.

إن غلاء الأعلاف غالبًا ما تكون له تداعيات سلبية تتجاوز الفلاح والمربي، وتمد يدها إلى جيب المستهلك الذي يؤدي السعر النهائي المشمول بجميع المصاريف عند استهلاكه لمنتوج اللحم الأحمر. وفي هذا السياق، قال محمد جبلي، رئيس الفدرالية المغربية للفاعلين بقطاع المواشي، في تصريح خص به موقع “اقتصادكم”، " إن هناك ارتفاع في أسعار “النخالة” أو الأعلاف بصفة عامة، وهذا له تأثير سلبي على أثمنة اللحوم الحمراء؛ فبمجرد ارتفاع أسعار الأعلاف ترتفع معها أثمنة اللحوم الحمراء، والعكس صحيح، لأن قوة الإنتاج مرتبطة أساسًا بالأعلاف وبأسعارها.

وأضاف المتحدث ذاته أن "ارتفاع أسعار مادة “النخالة” ليس بالضرورة أن يكون السبب المباشر في ارتفاع أسعار اللحوم، لأن هذه المادة لا تُمثل سوى نسبة تتراوح بين 8% و10% من تركيبة الأعلاف التي تستهلكها المواشي بصفة عامة".

وأبرز الفاعل في قطاع المواشي في تصريحه للموقع كذلك أن “النخالة” ليست العنصر الرئيسي في الأعلاف، بل هي جزء من تركيبة متوازنة تتضمن أعلافًا أخرى غنية بالبروتين مثل (الصويا والفول… ) وهذه مواد رئيسية ومهمة تشكل تركيبة الأعلاف، وتبقى مكلفة إضافة إلى الذرة التي تمثل تقريبًا 50% من مكونات العلف، وتُعد أساس الطاقة، وهي الأخرى مرتفعة الثمن. لذلك، لا يمكن رمي اللوم كله على "النخالة" وحدها، في وقت يبقى فيه أساس المشكل متعلقًا بالأعلاف بصفة عامة".

من جهة أخرى، أكد أحمد العماري، عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين والكاتب العام للنقابة نفسها لفرع المجازر، أن "هذا الارتفاع في أثمنة النخالة والأعلاف ينعكس سلبًا على أسعار اللحوم الحمراء، خصوصًا هذا العام. فالمغرب كان يستورد سابقًا الأغنام والماعز، وكانت الكميات المستوردة من إسبانيا تعزز المنتوج الوطني في الأسواق، مما يُسهم في انخفاض نسبي لأسعار اللحوم الحمراء. لكن بعد توقف عملية الاستيراد، ستُسجل الأسعار منحا تصاعديا، نظرا للتوازن الذي كان يحققه الاستيراد في سوق اللحوم".

وأشار النقابي في قطاع المجازر في تصريحه للموقع  إلى "أن الحل الأنسب هو توجيه الدعم الذي تقدمه الدولة لمربي الأغنام نحو الأعلاف مباشرة، لأن الأعلاف هي الأساس. أما إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فيُنتظر أن تعرف أسعار اللحوم ارتفاعا صاروخيا".

هذا وشكك المتحدث نفسه في بلوغ عدد رؤوس القطيع الوطني من الأغنام 33 مليون رأس، بعد الإحصاء المتعلق بإعادة تكوين الإنتاج الحيواني المحلي، موضحًا: “من المستحيل أن يكون هذا الرقم صحيحًا، لأنه لو كان كذلك لما كانت أسعار لحوم الأغنام في المجازر تتراوح بين 100 و110 دراهم”. كما تساءل: “أين نحن من هذا الرقم؟ وقبل ستة أشهر فقط لم يكن القطيع الوطني يتجاوز 17 مليون رأس؟”.

غلاء الأعلاف والجفاف غير كافيين لارتفاع أسعار اللحوم الحمراء

وبغض النظر عن سنوات الجفاف المتوالية وغياب التساقطات المطرية الكافية التي من شأنها خفض أسعار الأعلاف، يرى الفاعلون في قطاع اللحوم الحمراء أن هناك عوامل أخرى يجب مراعاتها لتتماشى مع خفض أسعار اللحوم حتى تصبح في متناول المستهلك. ومن جانبه كشف جمال فرحان، الكاتب الإقليمي لقطاع نقل اللحوم وتجار اللحوم بجهة الدار البيضاء–سطات، لـ "اقتصادكم" أن "غلاء الأعلاف له تأثير مباشر وواضح على أسعار هذه المادة الغذائية، كما أن الجفاف يلعب دورا كبيرا في تفاقم هذه الأزمة، إذ ما تزال بلادنا تعاني من آثار الجفاف المتواصل".

وأضاف  فرحان أن "الموسم الفلاحي الحالي ما يزال في بدايته ولم يبوح بعد بما في طياته، إلا أن الأسباب  لا يجب إرجاعها للجفاف وحده، فاللوم كذلك على سوء تدبير بعض المسؤولين غير المؤهلين لإيجاد حلول ناجعة للخروج من أزمة غلاء اللحوم الحمراء التي لم يشهد المغرب مثيلًا لها. كما شدد جمال فرحان "على ضرورة الاهتمام بالفلاح والكساب الصغير اللذين يزودان السوق بالسلع بأثمنة في المتناول، فبعد توقف هذه الفئة التي تضررت بشكل كبير عن تموين حاجيات السوق، ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء".