التخفيضات الموسمية.. حقيقة أم احتيال ؟

الاقتصاد الوطني - 24-11-2025

التخفيضات الموسمية.. حقيقة أم احتيال ؟

اقتصادكم - عبد الصمد واحمودو

بمجرد أن يمر أي منا أمام المحلات التجارية، يلفت انتباهه حتما منتج معروض خلف الواجهات الزجاجية لهذه المحلات، ولا شك أننا جميعا لاحظنا يوما ما لافتات وملصقات مكتوبة بخط واضح وألوان جذابة، تبرز عليها كلمة “تخفيض” مع النسبة المخفضة في ثمن المنتوج.

هذه الملصقات عبارة عن خطابات إعلانية يُراد منها استقطاب الزبون من خلال اللعب على الجانب النفسي، وإقناعه بشكل غير مباشر لاقتناء منتجات معينة.

التسوق بمظاهر مختلفة من شخص إلى أخر

التسوق عملية يقوم بها المستهلك لتلبية حاجياته الضرورية، لكنه أصبح بالنسبة للكثيرين، خصوصا النساء، نشاطا يرفه عن النفس، ووسيلة لمواكبة الموضة، كما تؤكد الدراسات أن النساء أكثر رغبة في التسوق من الرجال.


وتنقسم نوعية المستهلك المغربي على ضفتين، 
الأولى فيها فئة، من يتسوق حسب الحاجة والضرورة والقدرة الشرائية، في المقابل هناك  فئة  أخرى تجعل من التسوق أولوية دائمة، غير أن كلا الطرفين يخضعان لأساليب الإغراء التي تمارسها العلامات التجارية الكبرى وأصحاب المحلات، خاصة في ظل الزخم الكبير لصيحات الموضة وكثرة وتنوع المنتجات المعروضة.

الاستعداد لموسم التخفيضات

سينطلق موسم التخفيضات على بعد شهر تقريبا، حيث ستعلن المراكز التجارية الكبرى والمحلات الصغرى، عن حرب باردة وخفية، يسعى من خلالها  الكل للفوز بحصة الأسد من الزبائن، من خلال اعتماد وسائل تسويقية متعددة لتحفيز المشتري على اختيار سلعه بدل سلع المنافسين، وأبرز هذه الوسائل تقديم التخفيضات على الأسعار.

مفهوم التخفيض وفتراته

في هذا السياق، تواصل موقع “اقتصادكم” مع محمد بن عائشة، ممثل إحدى العلامات التجارية المعروفة والمتخصصة في اللباس الكلاسيكي الخاص بالرجال، والمتواجدة بمحج الأمير مولاي عبد الله بالدار البيضاء “البرانس”، فأوضح قائلا “إن موسم التخفيضات له تواريخ محددة تختلف من بلد إلى آخر. ففي أوروبا، يمتد موسم التخفيضات حوالي خمسة أسابيع، ويجب على التجار خلال هذه الفترة تصريف بضاعتهم. وإذا لم يتمكنوا من بيعها بالكامل، يضطرون إلى تخفيض أكبر قد يصل إلى 80% أو 90% لتجنب مصاريف التخزين العالية”.

وأشار المتحدث ذاته "أما في المغرب، فالوضع مختلف، حيث تبقى تكلفة التخزين أقل، وهناك إمكانية للاحتفاظ بالبضاعة لفترة أطول دون خسائر كبيرة، مما يسمح للتجار ببيعها على مدة زمنية أطول. ولهذا يبدأ موسم التخفيضات لدينا بـالتخفيض الأول، بنسبة تتراوح بين 10% و15%، يليه التخفيض الثاني، الذي تصل فيه النسبة المخفضة إلى 30%، ثم “التخفيض الأخير” بنسبة تتراوح بين 50% و60%.

وأضاف التاجر "أن الفرق بين هذه المراحل يكمن في نوعية الزبائن المستهدفين، فالتخفيض الأول يناسب من يرغب في اقتناء السلعة دون انتظار التخفيضات الكبرى، بينما التخفيض الثاني يقل عليه الإقبال مقارنة مع الأول، نظرا لتقلص مساحة الاختيار في السلع لدى الزبون".

وأشار المتحدث ذاته إلى أن "بعض المحلات التجارية تعلق ملصقات التخفيض طوال العام، ما يؤدي إلى تشكيك الزبائن في مصداقية الأسعار ويؤثر سلبا على للنشاط التجاري عموما، وبالمقارنة مع فرنسا، فمن يتجاوز المدة المسموح بها في التخفيضات يتعرض لعقوبة قاسية، في حين أن هنا في المغرب هناك غياب تام للمراقبة من طرف الجهات المعنية".

غياب إطار قانوني واضح

من جهته، كشف علي بوفتاس، رئيس جمعية الصفاء للتجار بوسط المدينة، لموقع “اقتصادكم” أن "التخفيضات الموسمية تأتي مرتين في السنة مرة في نهاية الموسم الشتوي ومرة في نهاية الموسم الصيفي. وتبدأ التخفيضات الشتوية في منتصف شهر دجنبر، وتمتد إلى الأسبوع الأول من يناير، لتتيح للزبائن اقتناء السلع بأسعار منخفضة، وللتجار تصريف بضائع الموسم المنتهي. لكن المشكلة تكمن في غياب إطار قانوني واضح يحدد تاريخ بداية ونهاية التخفيضات، مما يفتح المجال أمام بعض المحلات لاستغلال الوضع والإعلان عن تخفيضات طوال السنة، وهو ما يضر بالمنافسة الشريفة ويُربك الزبون، خاصة عندما تكون التخفيضات غير حقيقية أو غير مطابقة للسلع المعروضة، سواء كان المستهلك محليا أو أجنابيا".

وأضاف بوفتاس أن "هذه الظاهرة تخلق مشاكل بين التجار أنفسهم، فهناك من يحترم المعايير وينتظر الفترة الرسمية للتخفيضات، بينما آخرون يقدمون “تخفيضات” طوال السنة، دون حسيب أو رقيب، ما يجعل المنافسة غير عادلة، ويعود السبب إلى غياب قانون واضح على مستوى وزارة التجارة أو البرلمان أو غرف التجارة.

فوائد التخفيضات الحقيقية

علي بوفتاس ممثل التجار في وسط المدينة، أشار في حديثه لموقع "اقتصادكم" إلى أن  "التخفيضات الحقيقية، تمكن التجار من تصريف بضاعة الموسم بعد انخفاض الطلب عليها، ويُفرغ المستودعات لاستقبال السلع الجديدة، بينما يستفيد الزبون من أثمنة مناسبة، خصوصا إذا اقتنى السلع في الأيام الأولى من التخفيضات حيث يكون الاختيار متنوعا في المقاسات والألوان". كما لفت ممثل التجار إلى "ضرورة تنظيم الممارسات التسويقية، مثل الإعلان عن التخفيضات غير الحقيقية أو المبالغ فيها، إذ تُعلن بعض المحلات عن تخفيضات بنسبة 70% أو 80% بينما يكون السعر الحقيقي أقل بكثير، ما يُفقد الزبون ثقته ويؤثر على السوق".

تحذيرات من ممارسات غير قانونية

من موقعه، أكد علي شتور، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، في تصريحه ل"اقتصادكم" على "ضرورة أخذ الحيطة والحذر من بعض الممارسات غير القانونية التي يلجأ إليها بعض التجار، من قبيل التدليس في الأثمنة، أو عرض ماركات مزيفة على أنها أصلية، أو التلاعب بجودة المنتوج، وهي ممارسات يعاقب عليها القانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك".

وشدد الفاعل في مجال حماية المستهلك كذلك على أن "كل مورد أو تاجر ملزم بالإعلان القانوني عن لائحة الأثمنة، بإظهار الثمن القديم، ووضع الثمن الجديد المخفض بشكل بارز، مع الحفاظ على نفس جودة المنتوج قبل وبعد التخفيض، دون أي تغيير أو تلاعب".

ودعا علي شتور السلطات والجهات الرقابية إلى تكثيف المراقبة الميدانية خلال هذه الفترة، والتعامل الصارم مع جميع أشكال التلاعب والغش، من قبيل الإشهار الكاذب والنصب، حمايةً لحقوق المستهلك وصونًا لقواعد المنافسة الشريفة، طبقًا للقانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة.