اقتصادكم - محمد بوعزاتي
مع اقتراب احتضان المغرب لكأس إفريقيا للأمم 2025، يعود النقاش حول ظاهرة الكراء غير المقنن عبر المنصات الرقمية إلى الواجهة، في ظل تزايد الإقبال السياحي وتنامي الحاجة إلى توسيع الطاقة الإيوائية.
في هذا السياق، يرى الخبير السياحي الزوبير بوحوت أن هذا النمط من الإيواء "لم يعد ظاهرة هامشية أو عابرة، بل أصبح واقعا قائما يعكس تحولات عميقة في الطلب السياحي وسلوك المستهلك".
"Airbnb" ودمقرطة الاستثمار السياحي
يقول بوحوت في حديثه لموقع اقتصادكم إن المنصات الرقمية مثل Airbnb منتشرة في العالم كله، والمغرب ليس استثناءً، مضيفا أن "هذا النوع من الإيواء غالبا ما يفضله الشباب لما يوفره من حرية وراحة بأسعار معقولة".
ولا يعتبر الخبير أن هذا النموذج ينافس الفنادق المهيكلة، بل يراه "امتدادا مكملا لها وفرصة حقيقية لدمقرطة الاستثمار السياحي"، لأن "الاستثمار الفندقي التقليدي يتطلب رأسمالا كبيرا، بينما تتيح هذه المنصات للأسر أو الأفراد الذين يملكون شقة أو منزلا بسيطا تحويله إلى مصدر دخل مستدام".
ويضيف أن هذا النمط من الكراء "خلق فرص دخل جديدة وساهم في تنشيط الدورة الاقتصادية المحلية"، لكنه يشدد في المقابل على ضرورة إخضاعه للقانون الجديد المنظم لمؤسسات الإيواء السياحية، الذي يعتمد تصنيفا موحدا ومعايير شفافة للجودة والخدمة.
الإدماج في القطاع المهيكل
يدعو بوحوت إلى إدماج هذا القطاع في الإطار القانوني المهيكل، لما يتيحه من مكاسب متعددة، من بينها رفع الطاقة الإيوائية الوطنية لتلبية الطلب في فترات الذروة، وتعزيز الثقة والأمان بين الكاري والمكتري، وضمان مساهمة هذه الأنشطة في تمويل الترويج السياحي والخدمات المحلية عبر الرسوم المستحقة.
ويشير إلى أن المغرب يتوفر حاليا على نحو 200 ألف غرفة فندقية مصنفة فقط، وهو رقم يبقى ضعيفا مقارنة بوجهات سياحية مثل أنطاليا أو بعض المدن الأوروبية التي تتجاوز المليون غرفة، معتبراً أن "الإيواء البديل يمكن أن يشكل رافعة مهمة لتوسيع العرض وتحسين جاذبية الوجهات المغربية".
جاهزية المدن لكأس إفريقيا 2025
وحول استعداد المدن المغربية لاحتضان هذا الحدث القاري الكبير، يؤكد بوحوت أن المدن المستضيفة جاهزة من حيث البنية التحتية السياحية والإيوائية، مشيرا إلى أن "مراكش وحدها تتوفر على حوالي 75 ألف سرير مصنف، إلى جانب مؤسسات الإيواء غير المصنفة والفيلات السياحية والكراء القصير المدى عبر المنصات الرقمية".
وأضاف أن باقي المدن المستضيفة تتوفر بدورها على قدرات محترمة، لكنها تحتاج إلى "تنظيم أكثر فعالية في عمليات الاستقبال والتنسيق الميداني لضمان تجربة سياحية سلسة للزوار"، مبرزا أن البطولة لن تشكل ضغطا كبيرا على العرض السياحي، "خصوصا وأن تنظيمها في شهر دجنبر، وهو فترة ركود نسبي، سيساهم في إنعاش النشاط السياحي الوطني".
الجودة قبل الكم
ويشدد بوحوت على أن التحدي الحقيقي لا يتعلق بعدد الأسرة أو المؤسسات، بل بجودة الخدمة السياحية، داعيا إلى مزيد من المراقبة والتأطير من طرف المندوبيات الجهوية للسياحة والمجالس المحلية والإدارات الترابية.
كما نوه بدور السلطات المحلية، قائلا إن "الولاة والعمال يبدون حرصا كبيرا على ضبط الأسعار ومراقبة جودة الخدمات، وهو ما ينعكس إيجابا على صورة المدن المغربية".
الرباط نموذجا للمدن السياحية الحديثة
ويرى الخبير أن العاصمة الرباط تُعد نموذجا للمدينة السياحية الحديثة، لما تتميز به من "أمن واستقرار وجمالية عمرانية وثقافية، فضلا عن بنية تحتية متطورة في النقل والفضاءات العامة".
واختتم بوحوت حديثه بالتأكيد على أن المغرب أمام فرصة حقيقية لإبراز صورته كبلد مضياف ومنفتح قادر على تنظيم التظاهرات الكبرى بكفاءة عالية، مشددا على أن نجاح كأس إفريقيا للأمم لن يُقاس فقط بجودة البنية التحتية، بل أيضا بحسن استقبال الزوار، وانخراط المواطنين بروح جماعية لإنجاح هذا الموعد القاري.