اقتصادكم - حنان الزيتوني
قدمت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، رؤية شاملة حول ملامح خارطة الطريق المناخية للمغرب في أفق 2035، مؤكدة أن المملكة تعيش مرحلة مفصلية تستدعي قرارات جريئة.
جاء ذلك خلال لقاء نظمته جريدة Finances News Hebdo مساء الخميس 24 يوليوز الجاري بالعاصمة الرباط، ضمن فعالية "ليالي المالية" Les Nuits de la Finance، بحضور شخصيات بارزة من القطاعين الطاقي والاقتصادي، إلى جانب فاعلين مؤسساتيين وخبراء مغاربة ودوليين في مجالات التحول المستدام والطاقة النظيفة.
اللقاء، الذي عرف حضور مديرة نشر الجريدة، فاطمة الزهراء الورياغلي، انعقد تحت عنوان: "خارطة الطريق المناخية للمغرب في أفق 2035"، وسلط الضوء على الرهانات المرتبطة بالتحول الطاقي وتحديات التغير المناخي.
المغرب أمام تحول استراتيجي
في هذا السياق، أكدت الوزيرة أن المملكة تقف اليوم أمام "نافذة فرصة" لا ينبغي التفريط فيها لإحداث تحول اقتصادي واجتماعي شامل.
وأوضحت أن التأخر في استغلال هذه المرحلة قد يؤدي إلى بقاء نسق النمو محدودًا في حدود 3 إلى 4%، وهو ما لا يتماشى مع طموحات النموذج التنموي الجديد.
نحو نموذج طاقي مستقل ومستدام
وأبرزت بنعلي أن المغرب ليس دولة منتجة لا للنفط ولا للغاز، ما يتطلب اعتماد سياسة طاقية قائمة على الاستقلالية والاستدامة.
وأضافت أن المملكة تستورد سنويًا ما بين 3 إلى 4 مليارات دولار من الطاقات الأحفورية، وهو ما يثقل كاهل الميزان التجاري. وأكدت أن التحول نحو الطاقات المتجددة أصبح خيارًا لا غنى عنه لضمان الأمن الطاقي والسيادة الاقتصادية.
خارطة طريق شاملة
واستعرضت الوزيرة مكونات الاستراتيجية المناخية الوطنية، مشيرة إلى أنها تستند إلى سبعة أو ثمانية محاور مركزية، من أبرزها: الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، الاستراتيجية المناخية، الاقتصاد الدائري، الطاقات المتجددة، توسيع البنية التحتية الكهربائية، مشروع "المغرب-هيدروجين"، وخارطة طريق الغاز الطبيعي.
وأوضحت أن هذه المحاور تتكامل لتشكيل نموذج للانتقال العادل والمستدام، مشيرة إلى أن المغرب تجاوز بالفعل نسبة 45% من القدرة المركبة للطاقات المتجددة، متقدماً على الهدف المحدد لعام 2020، مع توقع بلوغ نسبة 52% قبل 2030.
وفي المقابل، عبرت عن قلقها من التأخر المسجل في الاقتصاد الدائري، الذي تأخر بما يزيد عن 30 سنة، داعية إلى تسريع وتيرة التشريعات البيئية، خصوصا فيما يخص النفايات.
الهيدروجين الأخضر.. فرصة واعدة
توقفت الوزيرة عند مشروع "المغرب-هيدروجين"، الذي وصفته بالرهان الاستراتيجي الجديد، مؤكدة أنه يتطلب شراكة متوازنة مع القطاع الخاص.
وقالت إن تجربة المغرب الممتدة على 15 سنة في تطوير الطاقات المتجددة، و30 سنة في جذب الاستثمارات الأجنبية، تمنحه القدرة على تأطير سوق الهيدروجين الأخضر ضمن إطار قانوني ومؤسساتي مرن وشفاف.
وشددت على أن نجاح خارطة الطريق المناخية يستوجب تعبئة وطنية واسعة تشمل القطاعين العام والخاص، والمجتمع المدني، ومغاربة العالم، مؤكدة أن "الانتقال الطاقي مشروع أمة".
ركائز التحول البيئي
وإلى جانب التمويل، أكدت الوزيرة أن دعم المشاريع البيئية لا يجب أن يقتصر على الشركات الطاقية فقط، بل ينبغي أن يشمل النظام البنكي الوطني، الذي لا يزال، باستثناء مؤسسات قليلة، متحفظا في تمويل هذه المشاريع.
وأشارت إلى أن الحكومة تبذل جهودا لتوفير أكبر عدد من المشاريع "القابلة للتمويل"، رغم محدودية البيانات والخبرات المتراكمة في هذا المجال.
وفي هذا الإطار، تحدثت عن مشروع قانون الشركات الجهوية متعددة الخدمات (SRM)، مشيرة إلى إدراج بند يسمح بفتح رأس مال هذه الشركات بنسبة 25% في أفق خمس سنوات. وأكدت أن الهدف هو إرسال إشارات واضحة للمستثمرين بشأن توجه الدولة نحو تسعير الكربون بشكل عادل وفعال.
وفيما يخص البيانات، أكدت الوزيرة أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن توظيفه بفعالية دون بنية معلوماتية صلبة. وقالت إن الوزارة أحرزت تقدما في رقمنة البيانات البيئية بفضل الأنظمة الجهوية للمراقبة، إلا أن قطاعات مثل الطاقة والمعادن ما تزال تعاني من التأخر.