اقتصادكم_حنان الزيتوني
مع كل دخول سياسي جديد، تفتح أبواب النقاشات الكبرى حول التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تنتظر الحكومة. وتزداد حدة هذه النقاشات كلما اقتربنا من نهاية ولاية حكومية، حيث تبدأ ملامح المرحلة المقبلة في التشكل وسط تطلعات المواطنين وضغوط السياق الداخلي والخارجي. فهل تستطيع الحكومة أن توازن بين الإكراهات الاقتصادية ومتطلبات الاستقرار الاجتماعي والسياسي، خصوصا في ظل التحضير للانتخابات المقبلة؟.
سياق خاص
وفي هذا السياق، أكد المحلل السياسي محمد اشتاتو أن "الدخول السياسي لسنة 2025 سيكون دخولا ساخنا ومتقلبا لعدة أسباب. السبب الأول هو أن الحكومة الحالية تقترب من نهاية مدتها، وسندخل في حقبة الإعداد للانتخابات المقبلة، وهذا دليل على أن الأمور سوف تتغير، لأن عددا كبيرا من الناس يصادقون على ما قامت به الحكومة من أعمال ومشاريع في الوقت الحاضر."
وأضاف المحلل في اتصال مع "اقتصادكم"، أن هذا الوضع يلقي بظلاله على طريقة تعاطي الحكومة مع الملفات الاقتصادية، حيث يصبح كل قرار محسوبا سياسيا أكثر منه تقنيا، ما يزيد من تعقيد عملية صياغة السياسات العامة.
أولويات ملحة
ومن أبرز التحديات التي تواجه أي حكومة مع بداية الدخول السياسي هي المديونية والقدرة على الحفاظ على التوازنات المالية الكبرى، يقول اشتاتو مشيرا إلى أن "المديونية في المغرب ارتفعت بصفة صاروخية، ونتساءل كيف سيقوم المغرب بتسديد هذه الديون في المستقبل القريب والبعيد، لأنها قد تعجز كل الحكومات المقبلة."
وأورد المتحدث نفسه، أن هذه المديونية تفرض على الحكومة البحث عن حلول واقعية لتمويل الإنفاق العمومي دون اللجوء المفرط إلى الاقتراض، مع الحفاظ في الوقت ذاته على نسب النمو المطلوبة وعلى جاذبية مناخ الاستثمار.
توازن صعب
أما فيما يخص التوفيق بين متطلبات الإنعاش الاقتصادي ومواكبة التظاهرات الرياضية المقبلة وعلى رأسها الاستعداد لكأس العالم 2030وضغوط الإصلاحات الاجتماعية، فإن المسألة وفق المحلل السياسي، تزداد تعقيدا في ظل ضعف الحضور الاقتصادي لفئات واسعة من المجتمع. وهنا يبرز اشتاتو إشكالية الشباب والمرأة بقوله: "نرى أن المجالات المتعلقة بعمل الشباب والمرأة محدودة جدا، وهناك ارتفاع مهول في انعدام الشغل لهاتين الفئتين، وهذا مشكل أساسي بالنسبة للحكومة الحالية."
وتابع موضحا أن "التحدي يكمن إذا في توفير فرص شغل كافية وتحقيق نمو اقتصادي شامل لا يستثني المناطق المهمشة ولا الفئات الضعيفة".
عدالة مجالية
ومن أبرز الملفات التي لا يمكن تجاهلها في هذا الدخول السياسي أيضا، قضية العدالة المجالية. فقد أوضح المحلل السياسي أن "الملك في خطابه تحدث عن ضرورة أن يكون المغرب بلدا بسرعة واحدة، لكننا ما زلنا نرى مغربين، المدن من جهة، والقرى من جهة أخرى، وخاصة العالم الأمازيغي الذي لم ير أي تقدم في مجال الجهوية المتقدمة، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي."
ما تزال مناطق عديدة تعاني من غياب البنية التحتية الأساسية، من مدارس ومستشفيات، ما يزيد من حدة التفاوت ويضعف أي مشروع تنموي شامل، يقول المحلل.
إصلاح شامل
ويرى محمد اشتاتو أن على الحكومة الحالية أن تكثف مجهوداتها قبل دخول مرحلة الانتخابات، قائلا: "هناك جوانب أخرى تهم السياسة العامة للدولة، مثل النهوض بالاقتصاد وتحقيق مغرب متقدم اجتماعيا واقتصاديا. نتمنى أن تبذل الحكومة مجهودا حقيقيا قبل الانتخابات."
وأكد أن المرحلة المقبلة ستكون اختبارا حقيقيا لمدى قدرة الحكومة على صياغة سياسات اقتصادية متوازنة، تستجيب للانتظارات الاجتماعية وتحترم التزامات الدولة داخليا وخارجيا، في ظل مناخ سياسي واجتماعي متقلب.