حنان الزيتوني_ اقتصادكم
في الوقت الذي كانت تنتظر فيه الأسر المغربية انفراجا في أسعار المواد الغذائية بعد انتهاء موسم الصيف، فوجئ المستهلكون باستمرار غلاء اللحوم البيضاء والبيض، وهي من المواد الأساسية التي تشكل جزءا يوميا من المائدة المغربية. هذا الارتفاع غير المبرر، في وقت يفترض فيه تراجع الطلب، يثير موجة من التساؤلات والاستياء، خاصة في ظل تأزم الأوضاع الاقتصادية وتدهور القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المواطنين.
ورغم نهاية العطلة الصيفية وما يصاحبها عادة من ارتفاع موسمي في استهلاك اللحوم البيضاء، لم تسجل الأسعار أي انخفاض يذكر. ففي العديد من الأسواق، لا تزال أثمان الدجاج تتراوح ما بين 18 و24 درهما للكيلوغرام، مع تفاوتات محلية تعزى لتكاليف النقل وتعدد الوسطاء. أما البيض، فقد استقر سعره في مستويات مرتفعة نسبيا، تفوق قدرة الأسر الفقيرة والمتوسطة على الاستهلاك اليومي المعتاد.
الغريب في الأمر، أن هذه الأسعار المرتفعة تتزامن مع تراجع الطلب خلال الأسابيع الأخيرة، ما يجعل من الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحالي غير متناسق مع دينامية السوق التي يفترض أن تخضع للعرض والطلب.
استمرار ارتفاع الأسعار
وتعليقا على الموضوع، أكد شتور علي، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، أن "استمرار ارتفاع أسعار اللحوم البيضاء والبيض يبعث على القلق، خاصة بعد انتهاء فترة الصيف، التي يفترض أن تكون ذروة في الطلب نتيجة الأعراس والأنشطة الترفيهية المرتبطة بالعطلة".
وأضاف في اتصال مع موقع "اقتصادكم" أن "الأسعار لم تشهد أي انخفاض يذكر، بل ظلت مستقرة عند مستويات مرتفعة، رغم تراجع الطلب، ما يطرح تساؤلات مشروعة حول الأسباب الحقيقية وراء هذا الثبات غير المبرر".
أسباب متعددة وراء الغلاء
وأورد شتور علي أن من بين الأسباب الرئيسية التي تقف خلف هذا الارتفاع، ارتفاع تكاليف الإنتاج، بما يشمل أسعار العلف والطاقة والأدوية البيطرية، والتي تأثرت سلبا بتقلبات الأسواق العالمية.
وأفاد بأن العرض تراجع بسبب خروج عدد كبير من صغار المربين من السوق نتيجة الخسائر المتراكمة، وهو ما ساهم في اختلال ميزان العرض والطلب.
دور الوسطاء وغياب الرقابة
وبخصوص مسار التوزيع، أوضح رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، أن سلاسل التوزيع تشهد ضعفا في المراقبة، مما يفتح الباب أمام المضاربة والاحتكار، خاصة من قبل بعض الوسطاء الذين يتحكمون في الأسعار بشكل غير مشروع.
وأضاف المتحدث نفسه أن "ضعف آليات الضبط من طرف السلطات المعنية، وعدم تفعيل أدوات التدخل السريع لتعديل الأسعار، كلها عوامل تبقي الأسعار مرتفعة بشكل غير مبرر، في غياب تدخل حقيقي يراعي مصلحة المستهلك".
مطالب بإجراءات ملموسة وفعالة
وأكد شتور علي أن الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك تطالب بـتفعيل آليات المراقبة والتدخل لوقف أي ممارسات احتكارية، إلى جانب دعم مباشر للمنتجين الصغار والمتوسطين من أجل تخفيف تكاليف الإنتاج وتحقيق توازن في السوق.
كما شدد على ضرورة إعادة تنظيم سلاسل التوزيع لتقليص عدد الوسطاء، وخلق شفافية في تحديد الأسعار من المنتج إلى المستهلك.
حماية المستهلك
وذكر شتور بأن القانون 31.08 المتعلق بتدابير حماية المستهلك، ينص بشكل واضح على حق المواطن في اقتناء سلع وخدمات بجودة وسعر معقول، ويلزم الفاعلين الاقتصاديين بالشفافية والوضوح في التسعير.
وقال: "إن هذا القانون يمنح السلطات صلاحيات واسعة للتدخل من أجل تصحيح اختلالات السوق، ولهذا نطالب بتفعيل مقتضياته، واتخاذ إجراءات ملموسة لحماية المستهلك المغربي من الزيادات العشوائية، وضمان ولوجه إلى المواد الأساسية بأثمان تراعي دخله، خصوصا في هذه الظرفية الاقتصادية الحرجة التي تمر بها البلاد".