اقتصادكم
3 ملفات كبرى تنتظر حكومة عزيز أخنوش، من ملفات عديدة ومتنوعة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو بيئية، لا تختلف أهميتها عن بعضها البعض، ولا تحتمل التأجيل أو الانتظار، أبرزها ورش الحماية الاجتماعية وإصلاح التقاعد والطاقة والماء.
وأكد رئيس الحكومة، أن هناك رهانات كبرى مطروحة في الدخول السياسي، تستدعي ضرورة مضاعفة الجهود لتفعيل مختلف السياسات العمومية التي التزمت بها الحكومة، والرفع من وتيرة العمل، والتحلي بالجدية والفعالية في تنفيذ مختلف المشاريع المبرمجة.
ورش الحماية الاجتماعية.. رهان الاستدامة المالية
وصنف "مرصد العمل الحكومي" في ورقة سياسية تحت عنوان "تحديات الدخول السياسي، في ظل السنة الرابعة من ولاية الحكومة، "اهداف طموحة وتحديات مقلقة""، ورش الحماية الاجتماعية من أبين أهم الملفات التي تنتظر الحكومة في الدخول السياسي الجديد، وهو التحدي الكبير الذي يواجه المغرب لضمان الاستدامة المالية، حيث تصل كلفة هذا المشروع إلى حوالي 51 مليار درهم سنويًا، تُمول من خلال مساهمات الدولة إلى جانب اشتراكات المنخرطين.
وكشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات عن وجود خلل كبير في آلية تحصيل الاشتراكات، إذ أن إيرادات الاشتراكات لم تتجاوز نسبة 27 في المئة من إجمالي المشتركين المستهدفين. هذا الواقع، يضيف "مرصد العمل الحكومي"، يثير تساؤلات جوهرية حول مدى انخراط المغاربة في هذا المشروع الوطني، ومدى فعالية السياسات المتبعة لضمان مشاركة أوسع وشاملة.
وترى الورقة السياسية أن تحسين جاذبية هذا المشروع يتطلب إجراءات فعالة تسهم في تحسين التواصل حول فوائده وتعزيز العدالة الاجتماعية بين مختلف الفئات، مما يشجع المواطنين على الانخراط والمساهمة بشكل أكبر في هذا النظام، ومن دون هذه الإصلاحات، يبقى المشروع معرضا لضغوط مالية متزايدة قد تؤثر على استدامته.
إصلاح التقاعد.. خطر الإفلاس
يشكل ملف إصلاح التقاعد في المغرب أزمة معقدة تتطلب حلولا عاجلة ومستدامة، حيث يواجه نظام المعاشات المدنية خطر الإفلاس بحلول سنة 2028، إذ من المتوقع أن يستنفد هذا النظام كامل احتياطاته، مما سيجبر الدولة على ضخ ما يقرب من 14 مليار درهم سنويا للحفاظ على استمرارية صرف المعاشات لفائدة المتقاعدين، حسب التحليل ذاته.
وأكدت الحكومة خطورة هذا الوضع خلال اتفاق الحوار الاجتماعي مشيرة إلى أنها ستسعى إلى التوصل إلى اتفاق لإصلاح منظومة التقاعد مع الفرقاء الاجتماعيين خلال هذه السنة، ومع ذلك، فإن الإصلاح المطروح من طرف الحكومة يرتكز على ثلاثة مبادئ أساسية، هي: الزيادة في قيمة الاشتراكات، والرفع في سن التقاعد إلى 65 سنة، وخفض قيمة المعاشات، مما يعني أن الاجراء سيتحملون بشكل شبه كامل عبء تكاليف هذا الإصلاح.
وارتفعت الشكوك حول قدرة الحكومة على المضي قدمًا في إصلاح يحقق التوازن بين استدامة النظام وحماية حقوق المتقاعدين والعاملين على حد سواء، في ظل عدم التوافق مع الشركاء الاجتماعيين، حيث يبقى ملف إصلاح التقاعد ورشا شائكا وحساسا يفرض على الحكومة التعامل بحذر وتقديم تنازلات تضمن استدامة النظام دون تحميل العاملين وحدهم كلفة هذا الإصلاح.
الطاقة والماء.. الطموح الأبرز
من بين أهم التحديات التي تواجه الحكومة أيضا، بملف الطاقة والماء، الذي يتطلب، حسب المصدر ذاته، اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة للتغلب عليها. ويعد التحول الطاقي أحد أبرز التحديات، خاصة مع عزم المملكة تقليص الاعتماد على الطاقة الأحفورية التي تساهم في عجز الميزانية، حيث تشير التقديرات إلى أن تكاليف الطاقة التقليدية تمثل حوالي 50% من إجمالي العجز في الميزان التجاري.
ولتحقيق أهداف الطاقة المتجددة، يتوجب على الحكومة العمل على هدف بلوغ 52% من المزيج الطاقي الوطني بحلول عام 2030، وهو ما يستلزم استثمارات ضخمة تُقدر بحوالي 143 مليار درهم. تحقيق هذا الهدف، ؤكد الوثيقة السياسية، يتطلب تحسين البنية التحتية، بما في ذلك تطوير محطات الطاقة الشمسية والريحية وتطوير عرض المغرب (الهيدروجين الأخضر)، إلى جانب توفير التمويلات اللازمة من القطاع الخاص والجهات الدولية، حيث يُعتبر جذب الاستثمارات أحد العناصر الأساسية لنجاح هذا التحول.
ويُتوقع أن يرتفع الطلب على المياه في المغرب بنسبة 30% بحلول عام 2030، مما يفرض ضغطا إضافيا على الموارد المائية المتاحة. ولمواجهة هذه التحديات، تسعى الحكومة إلى إنشاء 36 محطة لتحلية مياه البحر بحلول عام 2030، والتي تتطلب استثمارات ضخمة تقدر بحوالي 10 مليارات درهم، بالإضافة إلى مشاريع الربط المائي بين الأحواض المائية، التي تتطلب استثمارًا إضافيًا قدره 20 مليار درهم، ويُعتبر التنسيق بين القطاعات المختلفة تحديا كبيرا في هذا السياق، إذ أن عدم التنسيق بين الوزارات المعنية يؤثر سلبا على فعالية البرامج والمشاريع المائية والطاقية، مما يستلزم ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
في المجمل، تواجه حكومة أخنوش تحديات مالية ولوجستية كبيرة تتعلق بتوفير الطاقة والماء، تتطلب استجابة سريعة وفعالة لمواجهة هذه القضايا الحيوية وضمان استدامة الموارد الطبيعية في المستقبل. فالنجاح في التغلب على هذه التحديات سيُعتبر مؤشرًا على فعالية الحكومة في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة حياة المواطنين.