اقتصادكم - حنان الزيتوني
في ظل موجة غلاء متصاعدة تطال عددا من المواد الغذائية الأساسية بالمغرب، باتت أسعار الدجاج تشكل مصدر قلق كبير للمستهلك المغربي، خصوصا مع حلول المناسبات الاجتماعية وارتفاع درجات الحرارة. فقد سجلت الأسواق ارتفاعا غير مسبوق في أثمان دجاج اللحم، الأمر الذي أثار موجة استياء في صفوف المواطنين، الذين يجدون أنفسهم أمام منتج طالما كان في متناول القدرة الشرائية، ليتحول اليوم إلى سلعة شبه فاخرة تثقل ميزانية الأسر. هذا الوضع دفع عددا من المهنيين في القطاع إلى دق ناقوس الخطر، محذرين من استمرار هذا المنحى التصاعدي دون تدخل حازم من الجهات المعنية.
هيمنة الشركات الكبرى
وفي هذا الصدد، صرح محمد أعبود، مهني بقطاع الدواجن ورئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم، بأن الارتفاع الحالي في الأسعار يعود بشكل رئيسي إلى تحكم عدد محدود من الشركات الكبرى في دواليب السوق، وخاصة على مستوى العرض والتوزيع.
واعتبر أعبود أن تغييب المربيين الصغار والمتوسطين عن المشهد الإنتاجي ساهم بشكل مباشر في هذا الاختلال، حيث بات السوق خاضعا لقانون الاحتكار بدل منطق المنافسة والتوازن.
كما أوضح أعبود، في اتصال مع موقع اقتصادكم، أن مدينة الدار البيضاء، التي تستقبل عادة ما يقارب 50 شاحنة يوميا لتزويد أسواقها بالدجاج، لم تستقبل سوى 20 شاحنة فقط خلال الأيام الأخيرة، من بينها 15 شاحنة دجاج لحم و4 شاحنات خاصة بأمهات الدجاج، مشيرا إلى أن هذه الأرقام تعكس الانخفاض الحاد في المعروض، ما يفسر حسب رأيه، الزيادة المسجلة في الأسعار.
وتابع أعبود قائلا إن عوامل مناخية زادت من تعقيد الوضع، حيث تسبب ارتفاع درجات الحرارة في ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل ملحوظ، وسط غياب تام لأي نوع من الدعم أو المواكبة من طرف الجهات الرسمية، على رأسها وزارة الفلاحة والمديريات الجهوية.
كما أشار إلى أن غياب المربين الصغار عن السوق راجع إلى الضغط الكبير الذي تفرضه الشركات الكبرى المتحكمة في سوق الكتاكيت والأعلاف، وهو ما يجعلها تحقق أرباحا طائلة على حساب تنوع العرض وتنافسية السوق.
السياسات العمومية السابقة
وفي تقييمه للسياسات العمومية السابقة، ذكر أعبود بأن الرؤية الرسمية كانت تهدف، قبل عام 2012، إلى تثبيت تكلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من الدجاج في حدود 8 دراهم، ليباع للمستهلك بسعر لا يتجاوز 10 دراهم، وهو ما لم يتحقق بفعل فشل البرامج الموجهة لدعم صغار المربين.
وشدد على أن هذا الفشل أتاح للشركات الكبرى السيطرة الكاملة على السوق، لتصبح بذلك الفجوة بين القدرة الشرائية للمواطن وسعر المنتوج أكبر من أي وقت مضى.
ونبه المتحدث ذاته، إلى أن الهدف الأساسي من الاستراتيجية الوطنية في القطاع كان ضمان تزويد الفرد المغربي بما بين 25 و30 كيلوغراما من الدجاج سنوياً، غير أن غياب آليات الدعم الفعالة حال دون تحقيق هذا الهدف، وأدى إلى تقويض البنية الإنتاجية لصغار المربين، ما ساهم في تفاقم الأزمة الحالية.