اقتصادكم
شكل موضوع الأمن الغذائي في أفريقيا في حقبة الحرب بأوكرانيا وتداعياتها على السوق العالمية والقارية للمنتوجات الغذائية الأولية، موضوع نقاش خبراء مغاربة، وذلك ضمن فعاليات موسم أصيلة.
و تطرق المتدخلون إلى جوانب اقتصادية واجتماعية متعددة لوقع الحرب بأوكرانيا على الأمن الغذائي العالمي عامة والأمن الغذائي على صعيد إفريقيا خاصة، محللين إشكاليات آنية محورية حول قدرة دول القارة الإفريقية على مواجهة الصعوبات ومواجهة تراجع حجم التموين في الأسواق العالمية، بالنسبة الى الحبوب على وجه التحديد، وارتفاع الأسعار وتفاقم الأزمة والتضخم في كثير من دول القارة السمراء التي أنهكتها تداعيات الجائحة من قبل.
وفي هذا السياق، اعتبر أحمد أوحنيني، الخبير الاقتصادي، أن المشاكل و الاكراهات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالأمن الغذائي يختلف تأثيرها في أفريقيا من بلد لآخر، إذ أن هناك دول ذات بنية اقتصادية وفلاحية تستطيع مواجهة هذا التحدي بكلفة وجهد أقل، فيما توجد دول أخرى في وضع صعب يحتاج إلى جهود مضاعفة وإمكانات ضخمة ، لا قبل لها بها .
ورأى العضو بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، أن الوضع الراهن يكشف الى أي حد تعيش دول افريقية الهشاشة الاقتصادية ومحدودية مردودية قطاع الفلاحة وعدم القدرة على تأهيله لمواكبة الحاجيات المحلية ويضمن التوازن والأمن الغذائي، مشددا على أن الدول الأفريقية ،بشكل عام ، ملزمة بإيجاد الحلول بنفسها لتخطي الوضع الغذائي الصعب والاستفادة من التجارب التي راكمتها في هذا الجانب بعض الدول، مثل المغرب.
وقالت أمل الوصيف، المتخصصة في مجال العلاقات الدولية، أن الأمن الغذائي لكثير من الدول الافريقية هش وليست لهذه الدول القدرة الناجعة لمواجهة التقلبات التي تعرفها الأسواق العالمية في ظل سياق اقتصادي دولي لا يتميز فقط بانعدام التوازن في الأسواق العالمية بل ولتسخير بعض تعاملاتها في الأسواق بخلفيات سياسية ووسيلة ضغط لفرض توجهاتها، مبرزة أنه آن الأوان أن تعمل الدول الأفريقية على تنويع شركائها وتحسين جودة الإنتاج و تأهيل قطاعها الفلاحي ووضع مخططات واقعية وناجعة في ذات الوقت.
ورأت الوصيف، العضو بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد أيضا، أن اهتمام الدول الأفريقية بواقعها الفلاحي الآني والمستقبلي وضرورة إحداث تغيير حقيقي في منظومتها الاقتصادية بشكل عام وما له ارتباط بالجانبين الفلاحي والاجتماعي أضحى حاجة ملحة لا تقبل التأجيل، لأن الحديث يتعلق ب"السيادة الغذائية"، التي قد يكون هو الرهان الحقيقي للتجاوب مع متطلبات المستقبل.
ومن وجهة نظر الخبيرة المختصة في السياسات الزراعية والمائية فاطمة الزهراء المنكوب ، فإن سيطرة دول بعينها من أوروبا الشرقية وشمال أمريكا على سوق الحبوب العالمي ليس وليد اليوم، إلا أن ما استجد في الأمر هو الحرب الدائرة بأوكرانيا، والتي ساهمت في اختلال أسواق العالم ذات الصلة بالمنتوجات الفلاحية وبروز هشاشة اقتصادية ومالية لدى دول، منها ما لا تعوزه الامكانات والمؤهلات الطبيعية والبشرية بل يعوزها التدبير الحكيم.
وأوضحت العضو أيضا بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد أن المشكل العويص جدا المرتبط باضطراب السوق الغذائي العالمي يصطدم بواقع آخر ليس بالسهل، وهو المتعلق باضطراب سوق أخرى لا تقل أهمية وهي سوق المحروقات والطاقة بشكل عام وسلسة القيم، مشددة على أن الأمر يستدعي دعم وتشجيع التعاون جنوب/جنوب، مثل ما ينهجه المغرب بتبصر في العقدين الأخيرين، والانفتاح أكثر على ممولين جدد، وتأهيل الموارد الذاتية والمراهنة على التصنيع وقدرة الموارد البشرية التي تزخر بها القارة الأفريقية وتحتاج إلى اهتمام خاص.