المغرب يعزز استقلاله الطاقي بمشروع غاز طبيعي مسال

آخر الأخبار - 11-12-2025

المغرب يعزز استقلاله الطاقي بمشروع غاز طبيعي مسال

اقتصادكم 

 

يواصل المغرب تسريع خطواته لتعزيز استقلاله الطاقي عبر تطوير منظومة متكاملة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال ومعالجته محليا، وذلك في إطار استراتيجية وطنية تروم تقليص الاعتماد على البنية التحتية للدول المجاورة، وعلى رأسها إسبانيا، التي يعتمد عليها المغرب لتحويل الغاز قبل نقله عبر الأنبوب المغاربي-الأوروبي.

وفي هذا السياق أفادت مجلة "بلومبيرغ" الاقتصادية، أن المغرب أطلق هذا الأسبوع طلب عروض لاختيار شركة لتزويد ميناء الناظور غرب المتوسط بمحطة عائمة مخصصة لتخزين الغاز الطبيعي المسال وإعادة تحويله إلى حالته الغازية، على أن تبدأ المحطة العمل في السنة المقبلة. وتشير المعطيات إلى أن المشروع يشمل أيضاً اختيار شركات لبناء وتمويل وتشغيل شبكة من الأنابيب الجديدة لربط الميناء بالمناطق الصناعية الأساسية.

وتقدر التكلفة الإجمالية للمحطة العائمة وخطوط الأنابيب بما يصل إلى مليار دولار؛ 273 مليون دولار مخصصة للمحطة نفسها، و681 مليون دولار للأنابيب. ومن المنتظر فتح العروض المتعلقة بمحطة التخزين والتحويل في مطلع فبراير المقبل، على أن يتم في الفترة ذاتها الإعلان عن الشركات المؤهلة لإنجاز شبكات الأنابيب الجديدة.

ويشير المصدر ذاته، إلى أن المغرب يسعى ليصبح فاعلا أساسيا في سوق واردات الغاز الطبيعي المسال، إذ تخطط الحكومة لاستثمار 3.5 مليارات دولار بهدف رفع الاستهلاك من 1.2 مليار متر مكعب إلى 12 مليار متر مكعب بحلول سنة 2030. كما ستساهم المشاريع المرتقبة في تعويض النقص الذي خلفه توقف الإمدادات الجزائرية منذ سنة 2021 عقب التوتر الدبلوماسي بين البلدين. وسيتم ربط محطة الناظور بخط الأنبوب المغاربي-الأوروبي الذي كان مخصصاً سابقاً لنقل الغاز الجزائري نحو إسبانيا عبر الأراضي المغربية.

وتندرج ضمن هذه الاستراتيجية أيضاً استثمارات تبلغ 1.5 مليار دولار لتطوير بنية استقبال الغاز الطبيعي المسال، بما يسمح باستبدال مصادر طاقة أكثر تلويثاً مثل الفيول والفحم داخل القطاع الصناعي، إضافة إلى تخصيص ملياري دولار لبناء محطات كهرباء تعمل بالغاز، ما سيرفع القدرة الإنتاجية الكهربائية المعتمدة على الغاز إلى ثلاثة أضعاف.

وترمي هذه المقاربة الشاملة إلى دعم هدف المغرب في إزالة الكربون من اقتصاده بحلول سنة 2050، من خلال التخلي تدريجياً عن الفحم وتوسيع الاعتماد على الطاقات المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فضلاً عن الاستثمار في تقنيات تخزين الطاقة.

وكانت وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة قد أعلنت في أبريل 2024 أن المغرب سيبدأ تشييد ثلاث محطات لتحويل الغاز الطبيعي المسال، تنفيذاً للاستراتيجية الوطنية الرامية إلى تعزيز منظومة الطاقة المحلية. وستقام المحطة الأولى قرب ميناء الناظور غرب المتوسط، فيما ستشيد المحطتان الثانية والثالثة على الساحل الأطلسي بكل من المحمدية والداخلة.

وبحسب المعطيات الرسمية، يُرتقب تشغيل محطتي الناظور والمحمدية في أفق سنة 2027، على أن تُنجز محطة الداخلة في مرحلة لاحقة بعد بدء تشغيل المحطتين الأوليين.

ويسعى المغرب، عبر هذا التوجه، إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال مباشرة من الدول المنتجة ونقله عبر سفن الشحن إلى محطات المعالجة داخل المملكة، بدل تمريره عبر المحطات الإسبانية ثم نقله لاحقاً عبر الأنبوب المغاربي-الأوروبي. وسيُسهم ذلك في خفض تكاليف النقل بشكل ملحوظ وتقليص المدة الزمنية لوصول الإمدادات، فضلاً عن تقليص التبعية الطاقية للخارج.

ويأتي هذا التحول بعد توقف اتفاقية نقل الغاز الجزائري نحو أوروبا عبر المغرب، التي كانت تتيح للمملكة الحصول على 20 في المائة من الغاز المار عبر أراضيها دون مقابل، ما جعل الرباط تبحث عن بدائل استراتيجية لضمان أمنها الطاقي وتحصين اقتصادها من التقلبات الإقليمية.