تعزيز الصحة والتعليم في قانون مالية 2026: استثمار في الإنسان والمجال

آخر الأخبار - 20-10-2025

تعزيز الصحة والتعليم في قانون مالية 2026: استثمار في الإنسان والمجال

اقتصادكم

 

في إطار التوجيهات الملكية السامية، يعد مشروع قانون المالية لسنة 2026 دفعة نوعية لقطاعي الصحة والتربية الوطنية، من خلال تخصيص غلاف مالي إجمالي يقدر بـ 140 مليار درهم، وإحداث أزيد من 27 000 منصب مالي جديد لفائدة القطاعين.

وقد اعتبرت هذه الخطوة الاستراتيجية استجابة لنداءات واسعة، ومطالب ملحة تشير إلى تعزيز الخدمات الصحية والتعليمية، خصوصاً في المناطق النائية والمهمشة. 

وشهد المغرب خلال الأسابيع الأخيرة موجة من الاحتجاجات الشبابية التي ركزت على المطالبة بتحسين الخدمات العمومية في التعليم والصحة، إذ عبرت مجموعات مثل «Gen Z 212» عبر وسائل التواصل عن شعور واسع بـ«الخدمة العامة المتأخرة» مقارنة بمشاريع كبرى كالبُنى التحتية الرياضية. 

وفي هذا الإطار، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية أن الحكومة «ستُعيد أولوياتها» لتركز على التعليم والصحة، مع الحرص على المحافظة على التوازنات الكلية للاقتصاد. 

ويأتي هذا التحول في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي من حالة من اللايقين، ما يجعل الاستثمار في رأس المال البشري والتنمية المندمجة خياراً استراتيجياً لتعزيز النمو والعدالة المجالية.

ماذا يخطط المشروع؟

الصحة: بنى تحتية وخدمات أقرب للمواطن

تنصّ أولويات قانون المالية 2026 على تحسين العرض الصحي عبر فتح وتطوير مراكز ومُستشفيات في جهات متنوعة منها افتتاح المركزين الاستشفائيين الجامعيين بكل من أكادير والعيون، استكمال أشغال بناء وتجهيز المركز الاستشفائي ابن سيناء بالرباط، ومواصلة بناء مراكز استشفائية جامعية في بني ملال، كلميم، والرشيدية، وإطلاق عملية تأهيل وتحديث 90 مستشفى موجودة.

هذا التوجه يعكس رغبة الدولة في تطويق التفاوتات المجالية في الخدمات الصحية، وتقليص التنقّل البعيد عن المراكز الحضرية. كما يُمكن أن يُسهم في رفع الكفاءة التشغيلية للمؤسسات الصحية، وهو أمر أكده تحليل «كفاءة تقنية الشبكة الاستشفائية العمومية» الذي وجد أن متوسط الكفاءة لم يتجاوز 0.697، ما يعني فرصاً كبيرة للتحسين. 

التعليم: تعليم أولي موسع وجودة أفضل

لبناء دولة اجتماعية متقدمة، يعطي المشروع أولوية لقطاع التربية الوطنية من خلال تسريع تعميم التعليم الأولي، باعتباره قاعدة التعلم المستدام، وتعزيز خدمات دعم التمدرس، لا سيما في المناطق القروية والمهمّشة، وتحسين جودة التعليم، وهو مطلب تجديد خارطة الطريق لإصلاح المنظومة التربوية، ورصد غلاف كبير للقطاعين معاً (الصحة والتعليم) يُناهز 140 مليار درهم، ما يبيّن مدى الأهمية التي أولتها السلطات لهذا المواطن. 

لماذا يُعد هذا التوجه مهماً؟

يرسخ المشروع، عبر تخصيص مناصب مالية واستثمارات في جهات متعددة، فكرة أن الخدمات العمومية يجب أن تُقدَّم على قدم المساواة في كل المناطق، برأسمال بشري أقوى، حيث يعني الاستثمار في التعليم والصحة  تأهيل كفاءات وطنية قادرة على الإسهام في النمو وتحقيق التنمية.

وعبر تجاوب سياسي واجتماعي بتركيز الميزانية على هذين القطاعين، تُقدّم الحكومة إشارة واضحة بأن صوت المجتمع وإشعاره بالخدمة العامة يُؤخذان بعين الاعتبار، إضافة إلى التمويل، الذي يوضح المشروع ضرورة إصلاح الإدارة، وتحسين الأداء، وضمان أن كل درهم يُستعمل بفعالية.

يشكل إنفاق ما يقدر بـ 140 مليار درهم على الصحة والتعليم في قانون المالية 2026 خطوة جوهرية نحو تعزيز منظومة الدولة الاجتماعية في المغرب. لكن الأهم من المبلغ هو كيفية استخدامه،  فعلى التنفيذ الفعلي والرقابة والحكامة أن تضمن أن هذه الأموال تترجم إلى خدمات ملموسة، وتحسينات حقيقية تحسها المواطنات والمواطنون في كل الجهات.

فإذا تم التدبير بكفاءة، فقد يكون هذا الاستثمار بمثابة نقطة تحول في العلاقة بين الدولة والمواطن، ومنح دفعة قوية لمسار التنمية الشاملة والعدالة المجالية في المغرب.