خبراء دوليون يمنحون الضوء الأخضر للنفق التاريخي بين إفريقيا وأوروبا

آخر الأخبار - 16-12-2025

خبراء دوليون يمنحون الضوء الأخضر للنفق التاريخي بين إفريقيا وأوروبا

اقتصادكم


تقترب فكرة الربط القاري بين إفريقيا وأوروبا من التحول إلى واقع ملموس، بعدما أكدت دراسات تقنية حديثة إمكانية إنجاز نفق بحري يربط المغرب بإسبانيا عبر مضيق جبل طارق، في مشروع استراتيجي يحمل أبعادًا اقتصادية وجيوسياسية غير مسبوقة.

وذلك ما كشفته صحيفة “آس” الإسبانية، مؤكدة أن تقرير دراسة الجدوى منح الموافقة التقنية على إنجاز نفق بحري يربط المغرب بإسبانيا، مع توقع جاهزية المرحلة الأولى من المشروع في أفق تسع سنوات، وبعمق قد يصل إلى 475 مترًا تحت سطح البحر، وهو ما يعكس طموحًا هندسيًا غير مسبوق.

وتابعت “آس” أن المشروع يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى أن المسافة الفاصلة بين البلدين لا تتجاوز 14 كيلومترًا في أقرب نقطة، ورغم هذا القرب الجغرافي ظل غياب الربط المباشر عائقا تاريخيا أمام تنقل الأشخاص والبضائع بين القارتين الإفريقية والأوروبية.

وأبرزت الصحيفة أن هذا التطور يستند إلى الدراسة التي أنجزتها شركة “هيرنكشت” الألمانية، الرائدة عالميًا في صناعة آلات حفر الأنفاق، بطلب من الشركة الإسبانية للدراسات الخاصة بالاتصال الثابت عبر مضيق جبل طارق (Secegsa)، والتي خلصت إلى أن المشروع ممكن تقنيًا رغم تعقيداته.

وذكر التقرير أن المرحلة الأولى من النفق قد تستغرق ما بين ست وتسع سنوات، في حين يُتوقع أن تمتد الآجال القصوى لإنجاز المراحل الأساسية للمشروع ما بين سنتي 2035 و2040، وفق السيناريوهات التقنية المعتمدة، ما يعكس ضخامة الورش وتعقيداته الهندسية.

ولفت إلى أن التكلفة الإجمالية التقديرية للمشروع تبلغ حوالي 8.5 مليارات يورو، تشمل إنجاز نفق استكشافي، والأنفاق النهائية، والمحطات، إضافة إلى مختلف التجهيزات المرتبطة بالبنية التحتية، وهو ما يجعل التمويل أحد أبرز التحديات المطروحة.

وأضاف أن الأهمية الحاسمة للتقرير تكمن في تأكيد قابلية التنفيذ في المقطع الواقع أسفل عتبة كامارينال، التي تُعد من أكثر المناطق تعقيدا جيولوجيا، وهو ما كان يمثل العقبة الرئيسية أمام تقدم المشروع خلال العقود الماضية.

كما أورد أن هذا التطور أعاد الزخم لمشروع النفق، خاصة بعد أن أعادت الحكومة الإسبانية إحياءه سنة 2023 عقب سنوات من الجمود، مستندة إلى تراكم الدراسات التقنية وتطور تقنيات الحفر والهندسة البحرية.

وذكر المصدر عينه أن الخطوة الموالية تتمثل في تكليف شركة Secegsa للمؤسسة العمومية “هندسة واقتصاد النقل” (Ineco) باستكمال تحديث الدراسة الأولية التي انطلقت سنة 2021، على أن يتم تقديم النسخة المحينة في أجل أقصاه غشت 2026.

وأشار إلى أن هذا التحديث يشمل تصميم النفق الاستكشافي، ومراجعة التحليلات السابقة، وتحديث المسار والمعطيات الجيولوجية والجيوتقنية، بما يضمن ملاءمة المشروع مع المعايير التقنية والبيئية المعتمدة دوليًا.

وبخصوص مواصفات النفق، أوضح التقرير أنه سيتكون من مسار بحري بطول إجمالي يبلغ 65 كيلومترًا، منها 40 كيلومترا داخل الأراضي الإسبانية، مع محطة نهائية مرتقبة في بلدة بيخير دي لا فرونتيرا، وفق ما عُرض خلال لقاءات تقنية متخصصة.

وختم التقرير بالتأكيد بأن المشروع، رغم التحديات اللوجستية والاقتصادية، يمثل خطوة تاريخية نحو ربط قارتي إفريقيا وأوروبا عبر بنية تحتية استراتيجية، من شأنها إحداث تحول نوعي في حركة النقل، والتجارة، والتكامل الاقتصادي بين الضفتين.