في ظل التغير المناخي.. العقارب والأفاعي تفرض فاتورة اقتصادية على القرى والسياحة

آخر الأخبار - 15-07-2025

في ظل التغير المناخي.. العقارب والأفاعي تفرض فاتورة اقتصادية على القرى والسياحة

اقتصادكم - حنان الزيتوني

 

مع حلول فصل الصيف، يواجه المغرب ارتفاعا مقلقا في حوادث التسمم الناتجة عن لسعات العقارب ولدغات الأفاعي، وهي كائنات تعرف تكاثرا واسعا خلال هذه الفترة بسبب الظروف المناخية والبيئية الملائمة. هذه الظاهرة لم تعد فقط تهديدا بيئيا وصحيا، بل باتت تشكل عائقا حقيقيا أمام التنمية في المناطق القروية والسياحية، ما يستدعي مقاربة شاملة ذات بعد اقتصادي وبيئي لتفادي آثارها المزدوجة على الإنسان والمجال.

انتشار مقلق

وفي هذا السياق، كشف الخبير البيئي حميد رشيل أن المغرب يحتضن حوالي 50 صنفا من العقارب، منها 22 تعتبر شديدة الخطورة، إضافة إلى 20 نوعا من الأفاعي، بعضها سام.

وأوضح رشيل في تصريح لموقع "اقتصادكم" أن تغير المناخ، خاصة ارتفاع درجات الحرارة واتساع رقعة المناطق الجافة، ساهم في تكاثر هذه الكائنات وزحفها نحو أماكن مأهولة، خصوصا مع توسع العمران وغياب الإجراءات التقليدية لطردها، كاستخدام القطران أو القرفة، ما زاد من خطر تسجيل حالات التسمم.

تكلفة بشرية

وأبرز رشيل أن الأسابيع الأخيرة من الشتاء وبداية الربيع عرفت هطول أمطار مهمة، نتج عنها اتساع الرقع العشبية، وهو ما خلق بيئة خصبة لتكاثر العقارب والثعابين. ومع فصل الصيف والحرارة المرتفعة هذه الأيام، فإن حوادث اللسع واللدغ تتفاقم يقول الخبير، خصوصا في القرى والبوادي وأحواز المدن. ويعتبر الإنسان، في نظر هذه الكائنات، عائقا خلال تنقلها نحو مصادر الغذاء أو الظل، ما يجعل مواجهتها له شبه حتمية.

ورغم المجهودات المبذولة، يؤكد رشيل أنه ما زالت تسممات العقارب والأفاعي تطرح تحديات كبرى للمنظومة الصحية، حيث يسجل سنويا أكثر من 25 ألف حالة تسمم بالعقارب، و350 حالة بلدغات الأفاعي. وتتوزع هذه الحالات على جهات تعاني أصلا من هشاشة في البنيات الصحية، ما يرفع من عدد الوفيات. فعلى سبيل المثال، سجلت 82 وفاة بسبب العقارب سنة 1999، بينما سجلت 408 وفاة بسبب الأفاعي سنة 2017، وهو ما يترجم ضعف التدخلات الصحية وغياب التنسيق المؤسساتي.

إكراهات وطنية

ورغم وجود استراتيجية وطنية تستند إلى الوقاية والتكفل الطبي والمراقبة الوبائية والتوعية، إلا أن التطبيق ما يزال يعرف اختلالات متعددة. من أبرزها نقص الأمصال المضادة، غياب سيارات الإسعاف في القرى، ضعف الولوج إلى المستشفيات، إضافة إلى غياب ثقافة وقائية لدى عدد من المواطنين. ويؤكد الخبير أن عدم التنسيق بين وزارات الصحة والتعليم والجماعات المحلية والمجتمع المدني، يضعف فرص التصدي الفعلي لهذه الكارثة المتكررة.

ولتفادي تفاقم الوضع، شدد رشيل على أهمية اعتماد حزمة إجراءات وقائية، أبرزها تنظيم حملات تحسيسية دورية، توزيع مستوصفات متنقلة، رش المناطق الموبوءة، وتحسين بيئة العيش في القرى. 

ودعا الخبير البيئي نفسه، إلى تبني عادات وقائية بسيطة من طرف السكان، كفحص الملابس قبل ارتدائها، وتبليط الجدران، وتخزين الطعام بشكل آمن. 

واعتبر أن تعزيز هذه الثقافة قد يسهم في تقليص التكاليف البشرية والمالية التي تخلفها هذه الظاهرة سنويا، خاصة على المستوى الصحي والاقتصادي.