"ليس مجرد بنية تحتية".. مفاتيح لفهم تأثير معبر السمارة الجديد على اقتصاد موريتانيا والساحل

آخر الأخبار - 23-02-2025

"ليس مجرد بنية تحتية".. مفاتيح لفهم تأثير معبر السمارة الجديد على اقتصاد موريتانيا والساحل

 

اقتصادكم - نهاد بجاج

 

يعد تطوير البنية التحتية الطرقية عنصر أساسي في تعزيز التكامل الإقليمي ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويجسد مشروع إنشاء المحور الطرقي الذي يربط بين السمارة والحدود الموريتانية عبر جماعتي أمكالا وتيفاريتي إحدى المبادرات الاستراتيجية التي تعكس رؤية طموحة لتعزيز التعاون بين المغرب وموريتانيا، فضلاً عن تسهيل الاندماج الاقتصادي على مستوى منطقة الساحل.

ويأتي هذا المشروع في إطار المبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس، التي تهدف إلى توفير منفذ مباشر لدول الساحل الأفريقي إلى المحيط الأطلسي، مما يساهم في تعزيز المبادلات التجارية والاستثمارات بين المغرب وموريتانيا وباقي الدول الأفريقية.

تأثير بالغ على اقتصاد المنطقة


وفي هذا السياق، أوضح الخبير السياسي الموريتاني محمد فاضل الهادي، أن هذا المحور يعد من المشاريع الاستراتيجية التي سيكون لها تأثير بالغ على اقتصاد البلدين، فبالإضافة إلى التأثير المباشر المتمثل في تسهيل نقل الأشخاص والبضائع (الشاحنات المغربية المتوجهة إلى مالي والنيجر)، سيساهم هذا المحور الطرقي في تعزيز التبادل التجاري وتشجيع السفر البري بين المغرب وموريتانيا.


وأضاف رئيس التجمع المهني للخبراء القضائيين الموريتانيين، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن المغرب وموريتانيا يتمتعان بعلاقات اقتصادية قوية تتجسد في عدة جوانب، من بينها حضور الشركات المغربية الكبرى في موريتانيا، مثل (فرع شركة اتصالات المغرب، والتجاري وفابنك)، بالإضافة إلى مئات المستثمرين المغاربة الذين يساهمون في الاقتصاد الموريتاني بمشاريع متنوعة الأحجام.

تنشيط حركة التجارة والسياحة

وقال فاضل الهادي، إن هذا المشروع سيؤدي إلى تنشيط الحركة السياحية، خاصة في المناطق الواقعة على طريق السمارة والحدود الموريتانية، إذ يفضل العديد من الموريتانيين التوجه إلى المغرب للسياحة والتجارة، وبالتالي فإن المحور الطرقي يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي، وتنمية الاستثمارات، ودعم التكامل الاقتصادي بين البلدين.


ويعتبر المشروع، حسب المتحدث ذاته، خطوة استراتيجية نحو تعزيز التجارة والنقل بين البلدين، إذ سيسهم بشكل مباشر في تسهيل تدفق البضائع وتنقل الأشخاص، مما سيؤدي إلى زيادة حجم التبادل التجاري الذي بلغ 300 مليون دولار أمريكي خلال سنة 2023.


حسب فاضل الهادي، فإرادة قادة البلدين، التي تجسدت في آخر لقاء بين الملك محمد السادس، ورئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، تؤكد الطموح المشترك للرفع من مستوى التبادلات التجارية وتعزيز الشراكة الاقتصادية.

التجارة وتحفيز الاستثمار

ومن المتوقع أن يساهم هذا المشروع في زيادة حجم التجارة عبر تسهيل حركة البضائع وتخفيض تكاليف النقل، بالإضافة إلى تحفيز الاستثمارات، خاصة مع تواجد شركات ومؤسسات مغربية كبرى تعمل في موريتانيا، وكذلك تحسين البنية التحتية اللوجستية، مما يعزز انسيابية حركة النقل، خصوصًا بالنسبة للشاحنات المتجهة نحو بلدان أخرى مثل مالي والنيجر، وتوسيع الفرص الاقتصادية في المناطق الحدودية، مما سيدعم التنمية المحلية ويعزز الاندماج الاقتصادي بين البلدين، بالتالي فسيكون لهذا المشروع دور محوري في تحقيق الأهداف الاقتصادية المشتركة، وجعل العلاقات التجارية بين المغرب وموريتانيا أكثر ديناميكية واستدامة.


وحول مساهمة المحور الطرقي في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الشمالية من موريتانيا، يرى فاضل الهادي، أن هذا المشروع سيلعب دورًا محوريًا في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الشمالية من موريتانيا، فهو سيساهم في تنشيط التجارة بين البلدين، مما سيتيح فرصًا جديدة للتجار المحليين، إلى جانب تحسين تدفق السلع والبضائع، مما قد يؤدي إلى تنويع المنتجات وتخفيض الأسعار لصالح المستهلكين.


وفي هذا الاتجاه، يعتقد الخبير أن تطوير البنية التحتية للنقل سيساعد في تقليل تكاليف الشحن، مما يجعل هذه المناطق أكثر جاذبية للاستثمار، خاصة في القطاعات اللوجستية والتجارية، موضحا أن الطريق سيكون له تأثير إيجابي على قطاع السياحة، إذ ستتمكن مدن مثل شنقيط ووادان من جذب المزيد من السياح، مما سينعكس إيجابًا على الاقتصاد المحلي ويوفر فرص عمل جديدة.


ومن الناحية الاجتماعية، أوضح المتحدث ذاته، أن المشروع سيساهم في تحسين الربط بين المناطق الشمالية والمراكز الاقتصادية الكبرى في تقليل البطالة، من خلال إحداث فرص عمل جديدة في قطاعات النقل والخدمات والتجارة، كما أن تعزيز البنية التحتية سيحسن مستوى المعيشة، ويقلل من الهجرة نحو المدن الكبرى، مما يساهم في تحقيق توازن ديموغرافي أفضل.

ليس مجرد بنية تحتية

وفي الاتجاه ذاته، سيعزز التعاون الاقتصادي بين موريتانيا والمغرب، إذ سيزيد من تدفق الاستثمارات المغربية إلى الشمال الموريتاني، وسيمكن رجال الأعمال الموريتانيين من الاستفادة بشكل أكبر من الأسواق المغربية، مشيرا إلى أن هذا الطريق ليس مجرد بنية تحتية، بل هو ركيزة أساسية لدعم التكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة في المنطقة.

تحديات كبيرة

بخصوص التحديات التي قد تواجه استغلال هذا الطريق بشكل فعال، أوضح رئيس التجمع المهني للخبراء القضائيين الموريتانيين، لموقع "اقتصادكم"، أن الشركات المحلية قد تواجه صعوبات في التنافس مع الشركات الأجنبية، خاصة إذا لم تكن هناك سياسات واضحة لدعم المقاولات الوطنية في الاستفادة من هذا الطريق لتعزيز أنشطتها الاقتصادية، بالإضافة إلى إشكالية تذبذب أسعار النقل والرسوم الجمركية التي قد تؤثر على الجدوى الاقتصادية للطريق، مما يستدعي وجود رؤية واضحة للتكاليف والرسوم المفروضة على المعابر الحدودية.


وقد تتمثل التحديات كذلك في فرض تأشيرات على تنقل الأشخاص والبضائع بين المغرب وموريتانيا التي يمكن أن تقلل من الاستفادة الكاملة من هذا الطريق، حيث قد يؤدي ذلك إلى تعقيدات إضافية للشركات والمسافرين، خاصة إذا لم تكن هناك تسهيلات للحصول على التأشيرة بسرعة وسلاسة، لذا ينبغي العمل على تسهيل منح التأشيرات التجارية وتشجيع سياسات تسمح بحرية أكبر لحركة السلع والخدمات، مما يعزز فرص الاستثمار والتبادل التجاري.


وأضاف فاضل الهادي، أنه رغم أهمية المشروع، إلا أن نجاحه يعتمد على مدى توفر البنية التحتية الداعمة، مثل محطات الوقود، مراكز الصيانة، أماكن الاستراحة، والخدمات اللوجستية على طول الطريق، إذ أن أي نقص في هذه الخدمات قد يحد من الاستفادة الكاملة من الطريق، خاصة بالنسبة للشاحنات التي تحتاج إلى نقاط دعم لوجستي على طول مسارها.


وفي الختام أكد فاضل الهادي، أنه لضمان الاستفادة القصوى من هذا المشروع، من الضروري تعزيز التعاون بين البلدين عبر تحسين الأمن الطرقي، وتبسيط الإجراءات الجمركية، وتوفير البنية التحتية الداعمة، مثل محطات الوقود ومراكز الصيانة، مما سيمكن من تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التكامل الاقتصادي بين المغرب وموريتانيا.