اقتصادكم
أكدت نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، في كلمتها الافتتاحية خلال المناظرة الوطنية الأولى حول تدبير منازعات الدولة والوقاية منها، التي انعقدت اليوم الثلاثاء، أن المغرب دشن منذ تسعينات القرن الماضي العديد من الأوراش الإصلاحية لتعزيز دولة الحق والقانون وتقوية دور المؤسسات وتحقيق التنمية، تحت قيادة الملك محمد السادس.
وأبرزت أن هذه الإصلاحات همّت تحديث المنظومة القانونية والمؤسساتية، وتشجيع الاستثمار وتجويد الخدمة العمومية، وأسفرت عن نتائج إيجابية انعكست على مناخ الأعمال وجودة الخدمات، إلا أن تقارير رسمية سجلت إشكالات في تدبير العلاقة بين الإدارة والمتعاملين معها عند نشوء منازعات.
وفي هذا السياق، أشارت إلى ارتفاع عدد القضايا التي تتوصل بها الوكالة القضائية للمملكة بنسبة 100% خلال عشر سنوات، من 14.505 قضية سنة 2014 إلى 21.218 سنة 2024، مشددة على أن هذا الرقم يمثل فقط ثلث منازعات الدولة، في حين تسجل المحاكم الإدارية ما يناهز 60.000 قضية سنويًا، مع وجود مخزون يبلغ حوالي 200.000 قضية.
وأكدت أن هذا الوضع يتطلب إيلاء المزيد من العناية لمنظومة تدبير منازعات الدولة، لما لذلك من أثر على ترشيد الإنفاق العمومي وإنجاح البرامج الكبرى، مشددة على أن عقلنة اللجوء إلى القضاء ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتنافسية الاقتصاد الوطني وتحسين مناخ الاستثمار.
واستحضرت في هذا الإطار الخطاب الملكي السامي الذي شدد فيه جلالة الملك على مسؤولية الجميع في الرفع من نجاعة الإدارة العمومية باعتبارها عماد الإصلاح والتنمية. وأضافت أن منازعات الدولة تمثل تجسيدًا لدولة القانون وصونًا للمشروعية وفق الفصل السادس من دستور المملكة.
وأبرزت أن حماية المال العام تتطلب الوقاية من المنازعات وخفض كلفتها، وأن الرهان الحقيقي يتمثل في إدماج الاستراتيجية الوطنية لتدبير المنازعات ضمن البرامج الحكومية الخاصة برقمنة الإدارة وتعزيز شفافيتها.
وقد سبق للوكالة القضائية للمملكة أن أعدت، بتنسيق مع شركائها، مخططًا استراتيجيًا للفترة 2024-2028، يهدف إلى رفع نجاعة تدبير المنازعات والوقاية منها. ويتضمن هذا المخطط 26 برنامجًا و73 إجراءً تنفيذيًا، من أبرز أهدافها:
توحيد الرؤية والمنهجية للدفاع عن مصالح الدولة.
إحداث قنوات للتنسيق والتواصل وطلب الرأي.
استباق المنازعات والحد من مخاطرها.
تطوير منظومة لليقظة القضائية.
تعزيز قدرات الوكالة القضائية، وتحديث أدواتها وهياكلها التنظيمية.
وأشارت إلى أن الوكالة بدأت تنفيذ مخططها الاستراتيجي، من خلال برامج استعجالية، من ضمنها: إحداث منصة لطلب الرأي والمشورة، مركز نداء لمواكبة الإدارات، خلية يقظة مكونة من أربعة مكاتب، إصدار نشرة فصلية، إبرام اتفاقيات شراكة، وكذا تجويد المنتوج الوثائقي للدفاع عن الدولة، وبرمجة هذه المناظرة الوطنية.
وختمت كلمتها بالتعبير عن أملها في أن تسفر أشغال المناظرة عن توصيات تساعد في صياغة استراتيجية وطنية لتدبير منازعات الدولة، تأخذ بعين الاعتبار الإشكالات القانونية والتنظيمية والتدبيرية، مؤكدة على أهمية تظافر الجهود ووضع برنامج مدعم بإجراءات تنفيذية لتنزيل التوصيات، لما لذلك من أثر على تجويد سياسات الوقاية من المنازعات وترشيد الإنفاق العمومي.
كما تقدمت بالشكر الجزيل لكل من ساهم في إنجاح هذه المناظرة، وخاصة الضيوف والخبراء من مصر والسنغال وفرنسا وإسبانيا، سائلة الله تعالى التوفيق في تحقيق الغايات المرجوة منها.