اقتصادكم
عبد الحق نجيب
كاتب صحفي
كلما تعمقنا أكثر في التقلبات والتحولات التي تشهدها الشبكات الاجتماعية، كلما اندهشنا من كمية البيانات الموزعة بدون أدنى تصفية أو تحكم. هل لاحظتم عدد الفيديوهات التي تدعو للعنصرية بشكل علني ومن دون أي خجل أو وخز؟ كل ما عليك فعله هو العثور على منشور ليتم توجيهك إلى منشورات أخرى تكثر فيها رسائل الكراهية والتمييز وكراهية الأجانب.
وهذه بالتأكيد ليست ظاهرة مغربية، بل هي ظاهرة عالمية. الجميع يعبر عن كراهيته للآخرين بطريقة غير مقيدة. نحن نهين بكل قوتنا ونصدر أحكامًا عنصرية مع الإفلات التام من العقاب. والأسوأ من ذلك أن البعض يضيف الطحين إلى طواحين الآخرين، فتصبح دعوات الكراهية أقوى وأكثر عنفاً.
إذا كان العرب والمسلمون والسود يطلقون عليهم أسماء قبيحة في أوروبا، فإن الأقليات في أمريكا تدفع ثمناً باهظاً لأبشع العنصرية. وفي المغرب تأخذ هذه العنصرية منحى دينيا زائفا. وبهذا المعنى، هناك العديد من الأشخاص الذين جعلوا الديانات والمعتقدات الأخرى شأنهم الخاص. بالنسبة للبعض، الديانات الأخرى هي مجرد خدعة، والمؤمنون بالديانات الأخرى هم مخلوقات غير مؤمنة سوف تحترق في الجحيم.
ومن التبسيط والخطير في نفس الوقت الانغماس في هذا النوع من التحول الأيديولوجي والعقائدي. البعض يلقي النكات حول المعتقدات الأخرى. ويبرر آخرون اتهاماتهم البغيضة بآيات من القرآن لا علاقة لها على الإطلاق بهذا النوع من أيديولوجية الكراهية. وآخرون يؤكدون أن دينهم وحده هو الذي له نعمة الله، وعلى سبيل المثال: “كل من لم يرتد إلى الدين الحق فهم أعداء يجب قتالهم”. ناهيك عن كل المنشورات المناهضة لإسرائيل التي تراجعت لتصبح منشورات عنصرية معادية لليهود والمسيحيين والبوذية…
ورغم أننا نفهم أن الإبادة الجماعية الجارية في فلسطين تسبب معاناة عميقة لنا جميعا، فإن توجيه الإهانات العنصرية على غير المسلمين لا يؤدي إلا إلى اتساع الفجوة بين الشعوب والثقافات.
يمكننا أن ندافع عن جميع القضايا الإنسانية دون الوقوع في العنصرية، وأن ندين جميع الوحوش دون أن نصبح واحدًا منهم.