تلعب الخصائص المؤسسية والحوكمة، علاوة على الظروف الاقتصادية المؤثرة في المنافسة، دورا كبيرا في تصميم سياسة المنافسة. فمن الواضح أن أنظمة المنافسة لا تعمل في عزلة، ومن غير المرجح أن تعمل بفعالية إذا لم تشتغل الهيئات الأخرى بشكل صحيح. ويتطلب تعزيز البيئة التنافسية مؤسسات ذات مصداقية تسمح للمستثمرين الجدد بتحدي الوضع القائم وتحقيق تكافؤ الفرص.
يتأثر تصميم وإنشاء وسير أنظمة المنافسة في البلدان العربية بمجموعة من العوامل الاقتصادية والمؤسسية. فإزالة العوائق أمام المنافسة، يتطلب إجراءات راسخة ومضبوطة، لتوفير الظروف الملائمة لحرية السوق بشكل مُتقَن وطبيعي. خاصة وأن المنطقة تتمتع بإمكانات هائلة وطاقات بشرية متنوعة، تشكل مصدراً للطلب الجماعي الذي يمكن أن يحرك النمو وسوق الشغل ويساهم في تحقيق الرخاء.
إن تطبيق قانون المنافسة غالبا ما يتم من خلال اعتماد نموذجين. الأول هو النموذج الإداري، حيث تتخذ هيئة المنافسة شكل سلطة إدارية مستقلة، تضطلع بالبحث والتحري في القضايا المعروضة أمامها وتتخذ قرارات تنفيذية تخضع للرقابة القضائية. ويعتبر النموذج الإداري الأكثر انتشارًا في دول الاتحاد الأوروبي. أما الثاني فيمكن نعته بالنموذج القضائي. حيث تقوم السلطة الإدارية بإجراء التحري ثم تحيل القضية إلى المحكمة، التي يعود لها اتخاذ القرار على صعيدي الموضوع والعقوبات.
يتم إسناد دور هيئة المنافسة إلى السلطة التنفيذية، وهو الاختيار المتبنى في الولايات المتحدة الأمريكية، ولو بشكل جزئي، إذ أن إحدى وكالتي مكافحة الاحتكار، هو قسم مكافحة الاحتكار التابع لوزارة العدل الأمريكية، وعلى مستوى الاتحاد الأوربي تُعَدُّ المفوضية الأوربية (كجهاز تنفيذي للاتحاد) مسؤول عن تطبيق قانون المنافسة.
شهد مطلع التسعينيات انتصار الرأسمالية والشروع في تحرير الأسواق، لدمج اقتصادات الدول العربية في الاقتصادات العالمية خارجيًا، مع بروز نزعة دولية في اتجاه الخوصصة.