اقتصادكم - حنان الزيتوني
في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه دول الجنوب، بات من الضروري البحث عن نماذج تعاون جديدة قادرة على خلق دينامية تنموية مشتركة ومستدامة. وتلعب المملكة المغربية دورا محوريا في هذا السياق من خلال انفتاحها على فضائها الجنوبي، واستثمارها في علاقات اقتصادية مبنية على التضامن والتكامل بدل التبعية، مما يجعلها فاعلا استراتيجيا في الدفع بقضايا التنمية الإقليمية إلى الواجهة.
رؤية دبلوماسية
وفي هذا الإطار، يرى محمد بودن، الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة، أن المملكة المغربية لطالما عملت على توسيع نطاق التعاون جنوب -جنوب باعتبارها دولة فاعلة في الجنوب العالمي، بالنظر إلى المعطيات التي تربطها بفضائها الحيوي الأفريقي، وضمن آليات متعددة الأطراف على غرار مجموعة الـ 77+ الصين وحركة عدم الانحياز.
وأكد بودن في اتصال مع موقع "اقتصادكم"، أن أولويات دول الجنوب قد لا تتطابق دائما، وأن التوفيق بين أهدافها المختلفة وإرساء شراكات جماعية يمثل مهمة شاقة، إلا أن المغرب يتصرف تجاه عمقه الجنوبي بمنطق تضامني وتكاملي، ما يجعله محركا رئيسيا للتنمية الإقليمية بالنظر إلى حجم الاتفاقيات التي تربطه بهذه الدول، والمبادرات الملموسة التي أطلقها جلالة الملك، سواء عبر “المسلسل الأطلسي”، أو من خلال تيسير ولوج دول الساحل نحو الأطلسي، بالإضافة إلى مشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا – المغرب.
تنويع الشركاء
وأوضح بودن أن المغرب نسج شراكات متنوعة ضمن رؤية استراتيجية تجعل من الصحراء المغربية معيارا لقياس نجاعة الشراكات وصدق الصداقات، وهو ما تجسد في توقيع الملك محمد السادس رفقة قادة دول فاعلة على اتفاقيات شراكة استراتيجية، ولا يعني هذا التوجه، يضيف المتحدث، التخلي عن الشركاء التقليديين، بل هو خيار استراتيجي يروم تنويع الشركاء وتعزيز المصالح الوطنية عبر تسخير الموقع الجغرافي، والبنية التحتية اللوجستية، وسلاسل القيمة العابرة للحدود.
وأضاف أن الخطوات المغربية تحظى بترحيب متزايد في أوساط الجنوب العالمي، وذلك بفضل انخراط المملكة في تقاسم تجربتها وخبرتها مع شركائها، إلى جانب تعزيز العمل الجماعي في مجالات حيوية مثل التنمية البشرية، وتمويل التنمية المستدامة، والتغير المناخي، والانتقال الرقمي.
أبعاد اقتصادية
وبخصوص الجوانب الاقتصادية لهذا التوجه، أبرز بودن أن الربط بين الدبلوماسية الاقتصادية والمجال الجغرافي الحيوي يعكس رؤية بعيدة المدى، حيث تسعى المملكة إلى تحويل علاقاتها جنوب-جنوب من مجرد تعاون تقليدي إلى نموذج تكاملي يعزز التمويل المشترك، ويفتح آفاقا جديدة أمام الاستثمار المشترك، ونقل الخبرات، وتعزيز الأمن الطاقي والغذائي بشكل مستدام.