اقتصادكم - أسامة الداودي
مع إعلان شركات الاتصالات المغربية عن الإطلاق الرسمي لشبكة الجيل الخامس، تتجه الأنظار إلى مدى جاهزية المملكة لاستيعاب هذه الثورة الرقمية الجديدة، وانعكاسها على الاقتصاد الوطني والخدمات الذكية.
وفي حوار مع "اقتصادكم"، أكد خبير الشبكات المركزية بدر بلاج أن المغرب يعد من أوائل الدول الإفريقية الجاهزة فعليا لاعتماد الجيل الخامس، بفضل الكفاءات المغربية التي سهلت الانتقال السلس من الجيل الرابع نحو التكنولوجيا الأحدث عالميًا.
وفي ما يلي نص الحوار:
إلى أي مدى يمكن القول إن المغرب بات جاهزًا فعليًا لاستيعاب تكنولوجيا الجيل الخامس؟ وهل البنية التحتية الرقمية الحالية كافية لتوسيع التغطية تدريجيًا إلى جميع المدن والمناطق؟
يمكن القول إن المغرب بات جاهزًا فعليًا لاستقبال تكنولوجيا الجيل الخامس، بفضل النجاح الكبير الذي حققته شبكة الجيل الرابع وانتشارها الواسع على الصعيد الوطني. هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا وجود كفاءات مغربية مؤهلة تشرف على تسيير وتطوير فروع الشركات العالمية داخل المملكة.
فالمهندسون والتقنيون المغاربة هم الذين ساهموا في تحقيق هذا التمكين التكنولوجي، ما سهّل بشكل كبير الانتقال السلس نحو الجيل الخامس.
وبحسب تقرير صادر عن TelecomLead، فإن 26 دولة إفريقية فقط شرعت في إدخال الجيل الخامس إلى أنظمتها، في حين يُعد المغرب من أوائل الدول في القارة التي وصلت إلى مرحلة الجاهزية الفعلية، خاصة في سياق الاستعدادات لاحتضان كأس أمم إفريقيا وكأس العالم 2030، حيث سيُوظَّف الجيل الخامس لتحسين جودة الاتصالات والخدمات الرقمية.
ما أبرز القطاعات التي يُتوقع أن تستفيد بشكل مباشر من شبكة الجيل الخامس في المغرب، مثل الصناعة الذكية، التعليم، أو الصحة الرقمية؟ وكيف يمكن لهذه التكنولوجيا أن ترفع من تنافسية الاقتصاد الوطني؟
الجيل الخامس لا يقتصر على تحسين سرعة الاتصال فحسب، بل يتيح أيضًا تقليص زمن الاستجابة، وهو ما يجعله حاسمًا في قطاعات دقيقة مثل الصحة الرقمية والصناعة الذكية والألعاب الإلكترونية.
فعلى سبيل المثال، يفتح المجال أمام الجراحة عن بُعد باستخدام الروبوتات، كما رأينا مؤخرًا في مستشفى محمد السادس، حيث يمكن لطبيب في فرنسا إجراء عملية جراحية في المغرب بشكل فوري بفضل سرعة الاستجابة العالية للشبكة.
كما يُنتظر أن تسهم هذه التكنولوجيا في تطوير صناعة الألعاب الإلكترونية بالمغرب، وتشجيع الابتكار في مجالات جديدة لم يكن الجيل الرابع قادرًا على تغطيتها بالكفاءة نفسها، ما من شأنه رفع تنافسية الاقتصاد الوطني وتعزيز جاذبيته للاستثمارات التكنولوجية.
ما الذي يجب أن يرافق تعميم الجيل الخامس من سياسات رقمية وتربوية ومؤسساتية حتى لا تبقى التقنية حكراً على المدن الكبرى؟ وكيف يمكن ضمان شمولها للمناطق القروية والمقاولات الصغرى والمتوسطة؟
تسعى الاستراتيجية الرقمية الوطنية إلى ربط ما لا يقل عن 75% من المغاربة بشبكات الجيل الخامس بحلول عام 2030، وهو هدف يتطلب مرافقة هذه الخطوة بسياسات رقمية وتربوية ومؤسساتية شاملة.
ينبغي على شركات الاتصالات مراجعة عروضها وباقاتها لتسهيل الولوج إلى خدمات الجيل الخامس، سواء عبر تخفيض أسعار الأجهزة الداعمة للتقنية أو تقديم عروض تحفيزية خاصة بالمقاولات الناشئة والصغرى والمتوسطة.
كما يجب إيلاء اهتمام خاص للفئات الاجتماعية محدودة الدخل وسكان المناطق القروية، من خلال توفير خدمات بأسعار ميسرة، حتى لا تبقى هذه التكنولوجيا حكراً على المدن الكبرى، بل تصبح رافعة شمول رقمي وتنمية مجتمعية حقيقية.