اقتصادكم ـ بلومبرغ
في موناكو تتزايد الثروة في كل مكان، فرغم أن مساحتها أصغر من "سنترال بارك" في نيويورك، إلا أن وقوعها على البحر الأبيض المتوسط، جعلها مقصداً للمليارديرات الذين يشغلون الفنادق الفاخرة والملاهي الشهيرة عالمياً، والمراسي المزدحمة باليخوت الفاخرة.
يمكن أن تشتري مقابل مليون دولار، 15 متراً مربعاً (161 قدماً مربعاً) فقط من الممتلكات، أي ثلث المساحة التي تحصل عليها في لوس أنجلوس مقابل ذلك المبلغ، لذا فمن المناسب أن تقوم "مرسيدس بينز" بدعوة المستثمرين للتوافد إلى الدولة المدينة لدعم السوق.
خلال منتدى أطلق عليه اسم "اقتصاديات الرغبة"، قالت الشركة الألمانية لصناعة السيارات الأسبوع الماضي، إنها تخطط لتقليص تشكيلة طرازات السيارات التقليدية للتركيز على السيارات عالية الجودة.
تهدف الشركة الألمانية إلى زيادة مبيعات سياراتها الأغلى ثمناً- بما في ذلك طرازات "جي- واجون" (G-Wagon) و"إيه إم جي" (AMG) و"مايباخ" الفاخرة وسيارات "إي كيو إس" (EQS) و"إس- كلاس" سيدان، إلى حوالي 60% بحلول عام 2026، وزيادة هامش التشغيل إلى حوالي 14%.
بدأت "مرسيدس" أيضاً إنتاج علامة تجارية فرعية تسمى "ميثوس" (Mythos)، والتي ستنافس سلسلة "إيكونا"(Icona) ذات الإصدار المحدود من فيراري"(Ferrari)، وسيارة "911" التي تصنعها شركة "بورشه" لدى مصنعها الحصري في "مانوفاكتور".
قال الرئيس التنفيذي للشركة أولا كلينيوس لـ"بلومبرغ": "تتمتع السيارات الفاخرة للغاية بأكبر إمكانات نمو.. الأمر لا يتعلق بالصين فقط. إنه نمو الثروة في أوروبا، هناك نمو للثروة في أمريكا الشمالية، هناك نمو للثروة في جميع الاقتصادات".
الأساس المنطقي لذلك التوجّه واضح، حيث إن التحركات تبني على الاتجاه الذي دفع الربحية إلى مستويات قياسية خلال نقص أشباه الموصلات، مع قيام الشركات المصنعة للسيارات بوضع الرقائق القليلة التي يمكنهم الحصول عليها في سياراتها ذات الهامش الأعلى.
لا يعد ذلك التوجّه مفهوماً جديداً تماماً بالنسبة لـ"مرسيدس"، فخلال لقاء مع المساهمين في أكتوبر 2020، قال "كالينيوس" إنه سيركز على تعزيز الأرباح لتمويل تحول الشركة إلى السيارات الكهربائية، بهدف أن تصل السيارات والشاحنات الصغيرة إلى عائد مرتفع من رقم واحد عبر المبيعات بحلول عام 2025. وحقق الأمر نتائج مبكرة، حيث توقعت مرسيدس عوائد تصل إلى 13% هذا العام، بعد أن حققت 12.7% العام الماضي.
تستدعى النتائج التساؤلات مثل: لماذا تعود مرسيديس في أي وقت إلى الاعتناء بالكميات؟ وألن تكون الشركة أكثر كفاءة إذا اتبعت بالفعل هذه الاستراتيجية الأقل تكلفة المتمثلة في بيع عدد أقل من السيارات لكنها الأغلى ثمناً؟
من المؤكد أن "مرسيدس" تحاول أن تكون مثل "بورشه"، البالغ قيمتها 100 مليار دولار، في حين تأمل "فولكس واجن" في إدراجها بالبورصة عبر طرح عام أولي خلال الربع الرابع.
لكن خطة "كالينيوس" لا تخلو من المخاطر. لم يتضح بعد ما إذا كانت الاستراتيجية تحقق أهدافها بشكل فعّال بمجرد تراجع قيود التوريد، حيث ستكون شركات صناعة السيارات الأخرى، بما في ذلك المنافسة الرئيسية لـ"مرسيدس"، "بي إم دبليو" (BMW)، مجهزة بشكل أفضل للتنافس على حصة سوقية مثل الأوقات السابقة.
إذا قام "كالينيوس" بتخفيض كبير جداً في المركبات ذات الأسعار الأرخص، فقد تكلف مرسيدس نفسها المعيار الذي ينتج عنه فوائد التكلفة في عدة مجالات، بما في ذلك الشراء والإنتاج.
تعد تحركات الشركة أيضاً بمثابة محاولة نخبوية، تعتمد على التنبؤات التي تتوقع أن عدد الأثرياء سينمو بشكل كبير خلال السنوات القادمة، وهي ظاهرة من شأنها استمرار حالة عدم المساواة المتزايدة، بينما يثار تساؤل، هو كيف سيتم النظر إلى الاستراتيجية في الصين، أكبر سوق لمرسيدس، حيث كانت هناك ردود فعل عنيفة ضد الثروة الطائلة؟
من المحتمل أيضاً أن يعني بيع عدد أقل من السيارات أن الشركة ستحتاج إلى عدد أقل من خطوط الإنتاج والموظفين. توظف "مرسيدس" حوالي 173000 شخص، ومن المرجح أن يكون أي توجه لخفض الوظائف مؤلماً ومكلفاً بالنظر إلى النقابات العمالية القوية في ألمانيا.
يشغل ممثلو العمال نصف المقاعد في المجلس الإشرافي لدى "مرسيدس"، وقد أثاروا بالفعل وجهات نظر مختلفة مع المسؤولين بالإدارة بشأن ضمانات تصنيع المكونات في مصنع أونتيرتوركهايم بالقرب من شتوتغارت.
قال رئيس مجلس أعمال "مرسيدس"، إرجون لويمالي، لـصحيفة "شتوتغارتر تسايتونغ" الأسبوع الماضي: "نحن نسأل عن التأثيرات التي ستحدثها الاستراتيجية الجديدة على مواقعنا.. من المهم ألا يتم تنفيذ التوجّه الجديد على حساب الموظفين".