اقتصادكم
فاجأت ولاية جهة الدار البيضاء- سطات، وخلفها وزارة الداخلية، البيضاويين ببلاغ تحذرهم فيه من التعامل مع تطبيقات النقل على الهاتف المحمول، وتنذر مستعمليها وممتهني هذا النوع من النقل بعقوبات إدارية وقانونية صارمة، فيما تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنها غير حاصلة على أي ترخيص لمزاولة نشاطها.
للوهلة الأولى يبدو أن الداخلية، السلطة الترابية المسؤولة عن تحرير الفضاء العمومي بمقتضى القانون تحركت لتصحيح وضع مختل، لكن القارئ لبلاغ ولاية جهة البيضاء- سطات، يقتنع بأن الأمر لا يعدو "تحذيرا" و"تذكيرا" فقط، خصوصا إذا علمنا أن تطبيق "يانغو" الروسي الذي ولج السوق المغربية أخيرا، هو من تم طرح اسمه بشكل واضح.
الواقع يؤكد أن تطبيقات سابقة على هذا التطبيق تنشط في السوق منذ سنوات طويلة، واعترفت ولاية جهة البيضاء- سطات بأنها غير حاصلة على أي ترخيص لمزاولة نشاطها. يتعلق الأمر بـ"هيتش" و"إندرايف" و"كريم" وغيرها، التي ظلت توظف سائقين وتتعامل مع زبناء منذ مدة طويلة تحت مرأى ومسمع هذه السلطة، دون أدنى ردة فعل، حتى في الحالات التي تشهد صداما بين نقابات سيارات الأجرة و"سائقي التطبيقات"، التي تنتقل إلى دوائر الشرطة وردهات المحاكم.
أين يكمن خطر هذه التطبيقات؟. بعيدا عن حسابات نقابات سيارات الأجرة التي ترى فيها منافسة غير شريفة، في تقدم خدمة خارج القانون، إذ توظف سائقين غير مؤهلين، ولا يتوفرون على تراخيص سياقة خاصة بالنقل العمومي. كما يفتقدون إلى تأمين خاص بنقل الغير، إضافة إلى عدم تسجيلهم أو حفظ بياناتهم لدى أي جهة أمنية بخلاف الفئة المذكورة "الطاكسيات". والمخاطر هنا بدأت تتناسل في شكل حوادث، مثل القتل ومحاولة السرقة والاغتصاب وغيرها.
موقف ولاية جهة البيضاء- سطات ملتبس إلى حد الشبهة، ويفسح المجال أمام تكهنات بالفوضى الخلاقة، التي تقوم على ترك وضع مختل إلى حين بروز جميع سلبياته قبل التدخل لتصحيحه بشكل نهائي. الأكيد أن تطبيقات النقل على الهاتف المحمول ما فتئت تتناسل خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت تمثل فرصة عمل لعدد مهم من الشباب، لكن استمرار التأخر في تقنينها، يعيق حماية المستهلكين ويضمن للدولة مداخيل جبائية مهمة، محرومة منها في ظل الوضع الحالي.