اقتصادكم
تم تكريم برج محمد السادس بالرباط بحصوله على جائزة "أفضل إنجاز هندسي" خلال انعقاد تظاهرة " كامينوس مدريد 2022". وتعتبر هذه الجائزة السنوية، الممنوحة من طرف هيأة المهندسين المدنيين الإسبانيين بمدريد، بمثابة اعتراف بهذا التميز المرجعي بعالم البناء والهندسة المعمارية بشكل عام.
وأفاد بلاغ صادر للمناسبة، توصلت "اقتصادكم" بنسخة منه، خلال حفل أقيم بماطاديرو مدريد، تم تسليم هذه الجائزة لشركة "أوتاور" الشركة المكلفة بإنجاز وتتبع أشغال بناء البرج، وأحد فروع مجموعة "أوكابيتال"، برئاسة عثمان بنجلون، وصاحبة مشروع برج محمد السادس، ولشركة برنابيو إنخنييروس، مكتب الدراسات المكلف بوضع تصميم هيكل البرج.
وتطلب بناء هذا الصرح 13.000 طن من الخرسانة لوضع الأساسات و8.520 طن من الحديد، لينتصب برج محمد السادس اليوم شامخا كأول ناطحة سحاب مغربية، حاملة لشعارات ورموز الطموح والتقدم والازدهار للمغرب والقارة السمراء جمعاء.
وللإشارة، فقد حرص مصممو ومهندسو هذه المعلمة على الاستجابة لمتطلبات صاحب المشروع. ووفاء للإلهام الذي تولد لديه منذ سنة 1969 أثناء غوصه في قلب تدريبات رواد الفضاء التابعين للوكالة الدولية للأبحاث الفضائية "ناسا" إبان إطلاق المركبة الفضائية أبولو 12، ومن ثمة جاءت مبادرة السيد عثمان بنجلون لتشييد هذا الصرح العظيم، والذي تم تثبيته بذاته على منصة، ليذكرنا بصاروخ على منصة الإطلاق.
ويحتوي البرنامج العقاري المتعدد الاستعمالات على مكونات سكنية، فنادق فاخرة، مكاتب ومرافق خدماتية؛ ويضم برج محمد السادس 55 طابقا بعلو إجمالي يناهز 250 مترا. وهو يشكل في ذات الحين عنصرا تنمويا رئيسيا لنهر أبي رقراق، وينتصب كأعلى بناية بالقارة الإفريقية.
وتروم المقاربة المعمارية المعتمدة في تشييد هذا البرج بتركيز المرافق الرئيسية (مكاتب، محلات سكنية، فنادق) بالجانب الشمالي، قبالة نهر أبي رقراق، وصومعة حسان والمسرح الكبير للرباط، الذي شيد حديثا.
ولهذه الغاية، وضعت نواة التدفقات العمودية (المصاعد والسلالم) بشكل لا مركزي، كباقي كافة المناطق التقنية الواقعة بالجانب الجنوبي لكل طابق على حدة، لتعزز بذلك استمرارية الطابع الأفقي للبرج. كما مكن هذا التشكيل من إعادة تكسية الواجهة الجنوبية بالألواح الشمسية؛ إذ يدمج المشروع تكنولوجيات مرتبطة بالنجاعة الطاقية التي يروم من خلالها الحصول على الشهادة المزدوجة "LEED GOLD"، المتعلقة بالريادة في تصميمات الطاقة والبيئة، وشهادة "HQE" الخاصة بالجودة البيئية العالية. ومن ثمة، يظهر جليا مدى انخراط هذا المشروع الرائد بمقاربة صارمة يحرص من خلالها على احترام البيئة وحمايتها.
أما فيما يخص النظام الهيكلي، فقد اعتمد شكل أنبوب بداخل أنبوب، مكون من النواة الداخلية من الخرسانة والأنبوب الفولاذي الخارجي، الذي اعتمد فيه، بعد إجراء العديد من الدراسات، شكل أنبوب صلب.
تم إنجاز صفائح الأرضيات ببنية مختلطة، مكونة من الدعائم الحديدية المواجِهة للشعاع وداعم من الصفائح المركبة.
وتتطلب البنايات الشاهقة تشكيلات بنيوية قوية ومتينة وأنظمة بناء مركبة. كما يتميز برج محمد السادس بالعديد من الخصوصيات الهندسية الملفتة للأنظار.
وقد فرض تواجد برج محمد السادس بالقرب من منطقة زلزالية وضع أساسات تتماشى مع المتطلبات الجيوتقنية، باستعمال أسوار بحجاب حاجز بعمق 65 مترا.
ومن ناحية أخرى، فرض التصميم الفريد للنواة إجراء تحليل مفصل للفوارق ما بين النواة الداخلية والأنبوب الخارجي، في بعض الحالات المشابهة.
وفي الأخير، تطلبت المراقبة الصارمة للاستجابة الثابتة والمتحركة ضد قوة الرياح، إجراء تجارب للنفق الهوائي ومختلف الإستراتيجيات، مثل إدراج مثبط ثقلي متناغم، الذي يركب عادة في الهياكل لتقليل الاهتزازات الميكانيكية، ويتكون من كتلة مثبتة على واحد أو أكثر من النوابض المثبطة.
كل هذه التحديات والحلول المبتكرة المعتمدة هي التي دفعت الخبراء الإسبانيين إلى الإشادة والتنويه ببرج محمد السادس من حيث توفره على تصميم رائع وهندسة معمارية متميزة.
للتذكير، أنجز هذا الورش تحت إشراف "أو تاور" و من طرف تحالف من المقاولات المعترف بها في مجال البناء مكون من المقاولة البلجيكية "بيزيكس" والمقاولة المغربية "تي جي سي سي".
وتحت إلحاح صاحب المشروع، تم الحرص على المزج ما بين أحسن ما في التكنولوجيات المتطورة والمعاصرة مع كل ما يميز المهارات المغربية الأصيلة، الفنية والتقليدية لتصميم الفضاءات الداخلية.