هل سترتفع البطالة في المغرب بعد أوراش 2030؟

الاقتصاد الوطني - 01-12-2025

هل سترتفع البطالة في المغرب بعد أوراش 2030؟

اقتصادكم - عبد الصمد واحمودو

 

يعرف المغرب دينامية متنامية ومستمرة في سلسلة المشاريع والبنى التحتية التي يتم تشييدها، سواء كانت تنموية أو رياضية، في سياق “مغرب 2030”، السنة التي ستنظم فيها المملكة استحقاقات كأس العالم بشراكة مع إسبانيا والبرتغال.

وفي هذا الإطار، أصبحت المملكة ورشا مفتوحا لمجموعة من المشاريع التي تهيئُ الأرضية لاستقبال أكبر محفل كروي في العالم، حيث أطلق المغرب مجموعة من الأوراش الكبرى لتهيئة وتوسيع بنى تحتية في مختلف المجالات المرتبطة بالرياضة والتنمية.

وعلى ضوء هذه الحركية الكبيرة في مختلف المجالات، يبقى المجال مفتوحا أمام مجموعة من التساؤلات حول الأثر الإيجابي والسلبي لهذه المشاريع على المملكة المغربية وشعبها، سواء من الناحية الرياضية أو الاقتصادية، وكذلك حول ما إذا كانت بعض البنى التحتية ستستمر في العطاء بعد كأس العالم أم ستفقد إنتاجيتها، بمجرد إسدال الستار على آخر مباراة في المحفل الدولي، بما قد يسهم في ارتفاع نسبة البطالة بدل الحفاظ على فرص الشغل.

المشاريع "المونديالية" لن ترفع معدل البطالة

للإجابة عن التساؤلات المطروحة من الناحية الاقتصادية، يقول الخبير الاقتصادي محمد جدري، في تصريح لموقع “اقتصادكم”، إنه يجب أن نفرق بين مجموعة من الأمور.  فالنقطة الأولى الأساسية هي كون المغرب اليوم ورشا مفتوحا للبنية التحتية منذ 1999، وبالتالي لم فإن هذه الأواش لم تنتهِ بعد ". وأوضح قائلا، " إن المشاريع المرتبطة بالطرق السيارة ما زالت مستمرة، وكذلك أوراش الموانئ والمطارات والعديد من القطاعات الأخرى، وحتى الملاعب لم تكتمل بعد. لذلك لا يمكن القول إن اليد العاملة التي تشتغل اليوم في هذه المشاريع الكبرى ستصبح عاطلة بعد المونديال. لماذا؟ لأن المغرب لا يزال في حاجة إلى تطوير بنياته التحتية، خصوصا على مستوى “المغرب العميق”.

وذكر جدري في تحليله: “النقطة الثانية هي أن جزءا كبيرا من البنيات التحتية الحالية سيحتاج إلى إعادة ترميم أو تحديث مستمر، سواء تعلق الأمر بالمطارات أو الموانئ أو حتى الملاعب. وما قمنا به اليوم من تأهيل ملاعب خاصة بالمونديال يمكن أن يتواصل ليشمل ملاعب أخرى في المدن الصغيرة والمتوسطة، لذلك لا أرى أن البطالة سترتفع بعد المونديال”.

ومن جهة أخرى، أوضح الخبير الاقتصادي أن “المسألة الثالثة هي عدم اعتبار المونديال غاية في حد ذاته، بل نعتبره مجرد وسيلة لتسريع وتيرة التنمية. فالمشاريع التي ننجزها في البنية التحتية ينبغي أن تخلق قيمة مضافة، وأن تطور عمالة جديدة مؤهلة لإدارة هذه المنشآت واستغلالها. فعلى سبيل المثال، ستكون لدينا ملاعب مفتوحة طوال أيام الأسبوع، تضم مكتبات ومطاعم ومساحات للأطفال ومحلات تجارية، ما يعني خلق فرص شغل جديدة من نوع آخر، تختلف عن اليد العاملة التي اشتغلت في البناء”.

السعي وراء الحفاظ على الرواج السياحي والرفع منه

وحول القطاع السياحي وما له ارتباط  وثيق بالأوراش المنجزة في هذا الإطار، يؤكد الخبير الاقتصادي محمد جدري على “السعي كذلك إلى أن يكون الزخم السياحي الذي سيصاحب المونديال مستداما، لا مؤقتا؛ إذ نطمح إلى الحفاظ على 26 مليون سائح، أو حتى الوصول إلى 30 مليون سائح بحلول سنة 2030، وهو ما سيخلق قيمة مضافة مهمة وعددا كبيرا من مناصب الشغل في قطاع الخدمات”.

استغلال الزخم الاعلامي لجذب الاستثمارات 

وفي تحليل أوس للموضوع، يرى محمد جدري أن "هناك رغبة في استثمار الزخم الإعلامي العالمي الذي سيصاحب المونديال من أجل جذب المستثمرين، وخاصة الأجانب، للاستثمار في قطاعات واعدة في المغرب ما بعد 2030. لكن يجب على الجميع أن يعرف أن المغرب، خلافا لعدد من الدول، لا يعتبر "المونديال" غاية في حد ذاته، بل مجرد وسيلة لتسريع تنزيل رؤية اقتصادية شاملة وضعت سنة 2021، وستستمر إلى غاية 2035، وهي رؤية “النموذج التنموي الجديد”، التي تهدف إلى مضاعفة الناتج الداخلي الخام من 130 مليار دولار سنة 2021 إلى أكثر من 260 مليار دولار سنة 2035.

الربح مقابل الإنفاق

ونبه الخبير الاقتصادي إلى نقطتين أساسيتين تشكلان نقطة ضعف" الأولى، هي الرأسمال البشري الذي يجب تهييئه جيدا ليكون قادرا على استثمار هذا الحدث بأفضل شكل إيجابي؛ وثانيا، الحكامة، لأننا اليوم ننفق موارد مالية مهمة، ويجب أن يخلق كل درهم ننفقه درهما أو درهمين أو ثلاثة من القيمة المضافة. هاتان النقطتان هما الأساس الذي يجب أخذه بعين الاعتبار عند تنظيم هذا الحدث" 

مشيرا، إلى أن "المغرب لا يعتبر إطلاقا تنظيم هذا الحدث العالمي غاية في حد ذاته، بل وسيلة لتسريع الخطط التنموية التي تسير نحو رؤية 2035 كمرحلة أولى، ثم 2050 كمرحلة ثانية".