اقتصادكم
أطلقت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومكافحة الفساد تحذيرا شديد اللهجة بشأن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الراهن في المغرب، مشيرة إلى معطيات "مقلقة" و"صادمة" كشفت عنها المذكرة الحديثة الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط. واعتبرت المنظمة أن هذه الأرقام تعكس أزمة حقيقية في مستوى عيش الأسر المغربية، مطالبة السلطات باتخاذ إجراءات استعجالية لمواجهتها.
وعبرت المنظمة في بلاغها الذي توصل "اقتصادكم" بنسخة منه، عن قلق بالغ إزاء ما ورد في نتائج البحث الوطني للظرفية لدى الأسر خلال الربع الثاني من سنة 2025، والتي كشفت عن واقع معيشي يزداد تدهورا، وأزمة اقتصادية باتت تمس شريحة واسعة من المواطنين.
وأشارت المنظمة إلى معطيات المندوبية، مؤكدة أن 76% من الأسر مستوى معيشتها عرف تراجعا خلال السنة الماضية، بينما لم يتجاوز معدل الأسر التي رأت تحسنا في أوضاعها 6.8%، واعتبرت 17.2% أن وضعها المعيشي ظل مستقرا. أما على مستوى التوازن المالي، فقد صرحت 57.6% من الأسر بأن مداخيلها بالكاد تغطي نفقاتها الأساسية، فيما اضطرت 40.6% منها للجوء إلى الادخار أو الاستدانة لتلبية حاجياتها، في وقت لم تتجاوز فيه نسبة الأسر التي استطاعت توفير بعض المال 1.8% فقط.
وعبرت الأسر عن نظرة مستقبلية يغلب عليها التشاؤم، إذ تتوقع 44.9% تدهورا إضافيا في ظروفها المعيشية خلال الفترة المقبلة، في حين ترجح 45.4% أن تستمر الأوضاع على حالها، مقابل 9.7% فقط تأمل في تحسن ملموس. أما على صعيد الوضع المالي العام، فقد أكدت 50.1% من الأسر أنها شهدت تراجعا في دخلها، فيما تتوقع 23.6% استمرار هذا المنحى، وسط مخاوف متزايدة من ارتفاع البطالة، حيث عبرت 71.8% عن خشيتها من تفاقمها خلال السنة المقبلة.
ورأت المنظمة أن هذه الأرقام لا يجب أن تقرأ باعتبارها مجرد مؤشرات تقنية، بل هي ناقوس خطر حقيقي يستوجب ردا حكوميا واقعيا وشاملا، يتجاوز المقاربات الظرفية ويتصدى للاختلالات البنيوية التي تمس مباشرة بكرامة المواطنين وحقوقهم الاقتصادية.
وأوصت المنظمة بضرورة تعزيز القدرة الشرائية للأسر من خلال ضبط الأسعار بشكل فعال، ومحاربة الاحتكار، إلى جانب مراجعة النظام الضريبي بشكل يضمن العدالة الاجتماعية. كما طالبت بإطلاق استراتيجيات واضحة في مجال التشغيل، تركز خصوصا على فئة الشباب، في ظل تصاعد معدلات البطالة التي باتت أحد أبرز هواجس الأسر المغربية.
وفي سياق متصل، شددت المنظمة على أهمية تطوير أساليب التواصل المؤسساتي مع المواطنين، مطالبة باعتماد خطاب صريح وشفاف يعكس الواقع الاقتصادي الحقيقي، بدل الاكتفاء بتقارير محدودة لا تعبر عن عمق الأزمة.
وأكدت المنظمة عزمها مواصلة تتبع تطورات هذا الملف، داعية كافة الأطراف المعنية، من فاعلين مؤسساتيين ومكونات المجتمع المدني، إلى توحيد الجهود من أجل حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وصون كرامة المواطن، وترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية.