المصادقة على مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة

آخر الأخبار - 22-07-2025

المصادقة على مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة

اقتصادكم

 

في اجتماع دام  لساعات، جرى التصويت على مشروع قانون يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة وذلك بأغلبية أعضاء لجنة التعليم والثقافة والاتصال. وقد شهدت الجلسة، التي انطلقت مساء الإثنين، قبول الحكومة في شخص وزير الشباب والثقافة والتواصل، لـ 45 تعديل من أصل 249 تقدم بها النواب البرلمانيون.

المصادقة على هذا المشروع لم تأتِ في سياق هادئ، بل تزامنت مع جدل واسع داخل الأوساط الإعلامية والسياسية حول خلفيات النص وأبعاده، وسط خطابات انفعالية ومزايدات عطّلت في مراحل معينة مسار النقاش الرصين. غير أن منطق المؤسسات انتصر في نهاية المطاف، وترسخت قناعة جماعية بأن الديمقراطية ليست مجرد أرقام في التصويت، بل تعبير عن توافق وطني حول القيم والمصلحة العامة.

مر مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة بمحطات صعبة، تم فيها التشكيك في النوايا، والطعن في المبادرات الإصلاحية، واتهام الفاعلين بالسعي إلى الهيمنة أو تصفية حسابات. إلا أن النقاش الحقيقي كان، في جوهره، معركة بين منهجين:

أحدهما عقلاني، تدرّجي، يستند إلى المرجعية القانونية والمؤسساتية،

وآخر شعبوي، انفعالي، يعزف على وتر التخويف ويقاوم التغيير حفاظًا على مصالح ضيقة.

انتصار المنهج المؤسساتي في هذا السياق يعكس يقظة مجتمعية ناضجة، ويؤكد أن المجتمع المغربي، بكل مكوناته، قادر على حماية مساره الديمقراطي متى توفرت الإرادة السياسية والمساحات الحقيقية للنقاش.

لا تتوقف أهمية المصادقة على مشروع القانون عند طابعها التشريعي، بل تكمن في قدرتها على تحويل هذه اللحظة إلى منطلق لتفعيل التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة وفق مقتضيات القانون 26.25. ويُنتظر أن يُسهم هذا الإطار القانوني في ملء الفراغ المؤسساتي الذي شهده القطاع، وفي مواجهة بعض الممارسات المسيئة التي عرفتها المنصات الإعلامية، خاصة من قبل دخلاء ومتطفلين يستغلون هامش الحرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي هذا الصدد، يؤكد الفاعلون في المجال أن التحدي لم يعد يتمثل في صدّ حملات التشويش، بل في تنزيل مقتضيات القانون على أرض الواقع، وتأمين ممارسات مهنية تعكس روح الإصلاح، سواء على مستوى الإدارة أو القضاء أو الإعلام.

من جانبها، اعتبرت الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين أن هذه المرحلة تمثل فرصة استراتيجية لإعادة بناء نموذج اقتصادي متماسك لقطاع الصحافة. فلا يمكن الحديث عن صحافة قوية ومستقلة دون مقاولات إعلامية مهيكلة، قادرة على الصمود والمنافسة، ومؤهلة لحماية استقلالية الخط التحريري ومهنية الممارسة.

الرهان اليوم يتجاوز مجرد إقرار قانون؛ إنه رهان على ثقافة سياسية جديدة، وعلى أخلاقيات مهنية تتلاءم مع متطلبات التحول الرقمي ومفهوم الخدمة العمومية. ويقع على عاتق النخب السياسية والفكرية والمجتمع المدني دور أساسي في مرافقة هذا المسار، والتصدي لما تبقى من ذهنية ترفض الحُجّة وتستسهل الفوضى باسم الحرية.

إن المصادقة على قانون المجلس الوطني للصحافة ليست نهاية الطريق، بل بداية لمرحلة بناء حقيقية لمشهد إعلامي يواكب تحولات المجتمع، ويعزز سيادة القانون، ويؤسس لصحافة رصينة، حرة، ومواطِنة.