بسبب التضخم وارتفاع كلفة القروض.. "دارت" ملاذ أسر من جحيم "الكريدي"

آخر الأخبار - 12-07-2023

بسبب التضخم وارتفاع كلفة القروض.. "دارت" ملاذ أسر من جحيم "الكريدي"

اقتصادكم

تحولت "دارت" إلى ملاذ لأسر كثيرة من جحيم الاقتراض "الكريدي"، بعدما تكالبت عليها موجات التضخم وارتفاع تكاليف القروض لدى البنوك، بعلاقة مع رفع بنك المغرب معدل الفائدة الرئبسي، ما تسبب في إنهاك قدراتها الشرائية وتأزيم وضعيتها المالية، المثقلة بالمديونية والنفقات المتصاعدة.

وباختصار شديد فـ"دارت"، تمثل حلا تمويليا تقليديا شائعا بالمغرب، خارج القنوات البنكية، يتيح للمستفيد الحصول على مبلغ مالي خلال موعد محدد بالاتفاق بين مجموعة من المستفيدين، المنخرطين في العملية، على أساس أداء قسط متفق عليه، إلى حين استكمال العملية، التي تعتمد مبدأ الاستفادة الدورية من إجمالي الأقساط المجمعة.

هذا الحل التمويلي برزت أهميته أخيرا، بعدما ارتفعت كلفة الاقتراض من البنوك من جهة، وتطور قيمة القروض معلقة الأداء بذمة الأسر لدى هذه البنوك إلى 36.9 مليار درهم، أي 3690 مليار سنتيم، من جهة أخرى. يتعلق الأمر بجحيم تجاهد أسر للخروج منه، من خلال اللجوء إلى "دارت"، التي تعزز جادبتها بمجموعة من المزايا.

أول هذه المزايا، هي سهولة الولوج إلى التمويل، وعدم الحاجة إلى التقيد بالمعاملات الورقية المفروض من قبل البنوك من اجل الحصول على قرض، إضافة إلى التكاليف المرتبطة بها، وبتأمين القرض، وسعر الفائدة، وإجبارية سداد الأقساط في وقت محدد، تحت طائلة غرامات وغيرها، مقابل مجموعة من السلبيات التي تطعن فيها، من قبل ضعف الموثوقية في المعاملات، إذ يحصل أن ينفي أي طرف أدائه أو تسلمه لمبلغ القسط، أو يختفي عن الأنظار بمجرد تجميعه لمبلغ مالي معين وغيرها.

وبهذا الخصوص، توضح سعاد، 54 سنة، ربة بيت، أن "دارت" تفترض "المعقول"، في إشارة إلى الجدية وصدق النوايا والأخلاق، موضحة أن حوادث تقع بين الفينة والأخرى، إلا أنها لا تجبرنا على التخلي عن هذه الصيغة التمويلية، التي تعيننا على تغطية مجموعة من المناسبات الاستهلاكية، مثل شهر رمضان والدخول المدرسي وعيد الأضحى وغيرها.

هذا الموقف من "دارت" يجد تأييده لدى بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، الذي اعتبر في تصريح لـ"اقتصادكم"، أن المزايا التي تتسم بها هذه الصيغة التمويلية، تجعل منها منافسا قويا للبنوك، موضحا أن هذه الوسيلة المالية بدأت عند النساء بهدف التضامن الاجتماعي، إذ تكون الضمانة الوحيدة عندهن هي الثقة، الأمر الذي لا يخلو من مشاكل في كثير من الأحيان.

مزايا "دارت" التمويلية غلب بشكل نسبي على سلبياتها، وأغرت حتى فئة التجار بالإقبال عليها. وهكذا، تتداول أسواق مبالغ ضخمة تتجاوز 40 مليون سنتيم، بين مستفيدين تجار، يستغلون هذه الصيغة لتمويلية لتغطية عمليات بيع وشراء آجلة، دون الحاجة إلى اللجوء للبنوك، فيما فرضت حجم المبالغ المتداولة الاستعانة بوسائل ضمان وإثبات للحقوق، حتى وإن كانت غير قانونية في بعض الأحيان، مثل الشيكات.

وفي هذا الشأن، يوضح مروان، تاجر، أن تحرير "اعتراف بدين" كاف من اجل ضمان جميع المنخرطين في "دارت"، أو تقديم وثائق ملكية منقولات أو عقارات كضمانة، مشيرا إلى أن الصيغة التمويلية تظل بعيدة عن إكراهات الربا، وتقوي التضامن بين التجار، خصوصا في ظل هذه الظرفية الاقتصادية الصعبة.

ومن خلال ما سبق، تظهر أهمية "دارت" كصيغة تمويلية بديلة للبنوك في ظل ارتفاع كلفة القروض، واستمرار تصاعد مستويات التضخم، إلا أنها تغذي بشكل غير مباشر رواج الاقتصاد غير المهيكل، الذي لا يفضل الفاعلون فيه المرور عبر القنوات البنكية. كما تنشط رواج الأوراق النقدية "الكاش"، بما يطعن في جهود بنك المغرب والسلطات المالية لتعزيز الإدماج المالي.