اقتصادكم
كشف وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، أن جزءا كبيرا من معضلة البطالة في المغرب يرتبط بقراءة غير دقيقة للواقع الاقتصادي وسوق الشغل، معتبرا أن السياسات العمومية الحالية لم تنجح بعد في المواءمة بين مخرجات التعليم وحاجيات القطاعات المنتجة، جاء ذلك خلال ندوة نظمها "رابطة المهندسين الاستقلاليين" مساء الخميس بالدار البيضاء، خصصت لمناقشة سبل تجاوز اختلالات ما يعرف بـ"مغرب السرعتين".
وأوضح مزور أن عددا من القطاعات الصناعية والخدماتية تواجه نقصا حادا في اليد العاملة المؤهلة، رغم ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب وحملة الشهادات العليا، وأكد أن هذه المفارقة تعكس خللا بنيويا في فهم متطلبات سوق الشغل، مشيرا إلى أن الاجتماعات السنوية التي تجمع مختلف الفاعلين من القطاعين العام والخاص لا تترجم إلى نتائج عملية بسبب غياب التنسيق الفعال والاعتماد على تحليلات غير واقعية.
ولفت الوزير إلى أن التحدي القائم لا يتمثل فقط في توفير فرص العمل، بل في ضمان جودتها واستدامتها، موضحا أن عددا من الاستثمارات الجديدة في المملكة تولد قيمة مضافة مرتفعة لكنها تخلق وظائف أقل، وأعطى مثالا بنظام الأداء الإلكتروني في الطرق السيارة “جواز”، الذي يطرح سؤالا محوريا حول الموازنة بين التحديث التكنولوجي وحماية مناصب الشغل.
وأشار مزور إلى أن ضعف المحتوى التشغيلي للنمو الاقتصادي يفرض التفكير في نموذج جديد للاستثمار يربط بين الإنتاجية والعدالة الاجتماعية، دون الوقوع في فخ الخطابات التشاؤمية، وقال إن الحديث عن تراجع إنتاجية العمل في المغرب “مضلل”، لأن الأرقام تظهر زيادة في الناتج المحلي والقيمة المضافة، ما يعني أن الاقتصاد الوطني يشهد دينامية تحتاج فقط إلى توجيه أفضل.
ودعا الوزير جميع الفاعلين إلى تحمل مسؤولياتهم المشتركة في معالجة أزمة التشغيل، مؤكدا أن التنمية لن تتحقق عبر توجيه الاتهامات للحكومة وحدها، بل من خلال انخراط جماعي في البحث عن حلول عملية، وأضاف: “إما أن نستمر في منطق المطالبة فقط، أو ننتقل إلى مرحلة الفعل والمبادرة من أجل بناء سوق شغل متوازن ومستقبل اقتصادي أكثر استدامة”.